لا نريدها 100% فقط نتمنى أن تكون 25% طبقا لقرارات الحكومة حتى نجتاز بسلام أول أسبوع للتعايش مع فيروس كورونا، والذى من المقرر أن يبدأ بعد ساعات قليلة بعودة الكثير من مظاهر الحياة إلى سيرتها الأولى بعد عدة أشهر من حظر التجول والإغلاق، فى إطار تدابير جبرية فرضتها ظروف مواجهة الوباء.
يجب أن يكون مستقرا فى وعى الجميع بأن تطبيق نسبة الـ 25% خاصة فى أماكن التجمعات والمواقع المغلقة هو حزام أمان فى مواجهة العدوى أو زيادة معدلات انتشار الفيروس، فالوباء لم ينتهِ، والعلاج واللقاح الحاسم له مازال قيد التجربة حتى اللحظة.
إدراك طبيعة اللحظة تقتضى من الجميع رقابة ذاتية على تطبيق الضوابط التى وضعتها أجهزة الدولة لعودة الحياة لسيرتها الأولى، فحتى لو فرضنا أن تعطش بعض أصحاب المقاهى للربح السريع قد دفعهم إلى محاولة التحايل على نسبة الـ25 % أو رفضها بأى شكل من الأشكال، فإن على رواد المقاهى أن يتصدوا لهذا الأمر بكل حسم، حرصا على صحتهم فى المقام الأول، وعلى المجتمع فى الوقت نفسه.
المؤكد أن أجهزة الدولة ستتابع بكل دقة تنفيذ القرارات الصادرة فى هذا الشأن، لكن علينا أن ندرك أيضا أننا إذا وضعنا موظفا مختصا على كل مقهى فقط ليتابع الالتزام بنسبة الـ 25 % فإنه لن يبقى فى الجهاز الإدارى شخص واحد فقط ليقوم بأى مهمة أخرى.
عودة الحياة إلى طبيعتها تتطلب منا جميعا التزاما مضاعفا بالإجراءات الاحترازية لمواجهة الفيروس حتى يأذن الله برحيله.
الاحتفالات الكبيرة على السوشيال ميديا بعودة الحياة من السبت المقبل والفرح الواسع المدى بفتح المقاهى يبدو منطقيا بعد شهور اضطر فيها الملايين لقضاء ساعات طويلة خلف أربعة جدران بالمنازل، ولكن هذا كله لا يجب أن ينسينا أن الفتح ليس معناه انتهاء الفيروس والذى مازال يتربص للإيقاع بضحايا جدد كل لحظة.
لم يعد ممكنا الاستمرار فى إغلاق الاقتصاد وأوجه الحياة أكثر من هذا، فنزيف الخسائر الذى تحملته الدولة وكذلك الأفراد يبدو ضخما للغاية، ولكن فى الوقت نفسه فإن استئناف الحياه من جديد يتطلب من الجميع جهدا مضاعفا حتى نعبر هذه الفترة بسلام.
قدمت الدولة الكثير خلال الفترة الماضية حيث فرضت حظرا للتجول وقدمت إعانة للعمالة غير المنتظمة وأوقفت السياحة والطيران، كما أنفقت مليارات كثيرة للتخفيف من حدة تداعيات الوباء، ومازالت أيضا تقوم بدورها على أكمل وجه، ولكن الأمر يحتاج إلى قدر أكبر من الوعى والإيجابية من رجل الشارع العادى.
أنا ممن يراهنون على قوة وصلابة المصرى فى الشدائد حيث يظهر معدنه الأصيل، من منا لا يخشى على صغاره وأهله بيته ومن منا لم يتألم لإصابة أهل وأصدقاء وجيران بالفيروس، ومن منا لم يحزن بسبب الظروف بالغة الصعوبة التى يعيشها أخوتنا وأهلنا من العمالة الموسمية وغير المنتظمة؟.
وهل من بيننا من لا يتمنى أن تصبح الأمور أفضل مع عودة الحياة إلى طبيعتها؟! كلنا راغبون فى الستر والصحة والعافية، ولذلك فإننا سنشد على عودة الحياة بالنواجز حتى تصل السفينة إلى بر الأمان ونجتاز الإعصار بسلام.
نعم هناك من بيننا من يضربون بقواعد المنطق عرض الحائط ويتفنون فى مخالفة الإجراءات الاحترازية كما كانوا يفعلون من قبل مع اللوائح والقوانين، ولكن دورنا أن نشد على أيدى هؤلاء جميعا وأن نشعرهم بخطورة ما يفعولون، فالخطأ يجب أن يبقى مجرما أخلاقيا وقيما حتى لا نسمح لبعض ذوى النفوس الضعيفة بخرق السفينة.