ما بين "بوكا" ونيويورك معتقل كبير

لم تعتمد جهات إنفاذ القانون فى نيويورك على جدية معلومات نُشرت عبر الانترنت تضمنت قائمة أسماء لمواطنين أمريكيين بعناوينهم أطلقها مجموعة قراصنة للإنترنت على صلة بتنظيم الدولة دعوا أنصار التنظيم فيها باستهداف هؤلاء المواطنين وقتلهم. ورغم أن مكتب التحقيقات الفيدرالية نفى أن يكون هناك تهديد حقيقى خاصة وأن بعض هذه العناوين اتضح أنها قديمة، إلا أنهم قاموا بتحذير الأفراد المُستهدفين فى أثناء التحقيق وإبلاغهم إذ ربما تنطوى القائمة على خطر محتمل.

كان البنتاجون قد أعلن أنه يسعى لوضع التنظيم فى عزلة افتراضية من خلال هجمات إلكترونية لقطع الانترنت عن التنظيم بالمواصلة لاختراق حساباتهم وتعطيلها، إلا أن التنظيم أرسل قائمة الأسماء. الأمر كان مضحكا جدا من قبل بعض من جاءت أسمائهم فى التقرير لأن الإعلام الأمريكى ضخم الحدث فكان بالنسبة إليهم بمثابة إعلان يبرز داعش بعدد أفرادها وكأنها امبراطورية يمكن ان تهدد الدولة الاقوى فى العالم، فهو نفس الإعلام الذى أطلق على داعش تنظيم الدولة ليعطيها حجماً اكبر وهيبة مرعبة عندما سخرنا من عددهم على مواقع التواصل.

بدأ تكوين الجماعات المتشددة منذ ٢٠٠٦ لكن تنظيم داعش بدأ فى الظهور الإعلامى سنة ٢٠١٢ فى إطار الحرب على سوريا ومع إعلان أبو بكر البغدادى بأنه الخليفة أو القائد للمجتمع الإسلامى من منبر جامع النورى فى الموصل عام ٢٠١٤ نشرت صحيفة "ديلى بيست" الأمريكية رواية للجنرال كينيث كينج أحد المشرفين على معتقل بوكا جنوب العراق والذى ذكر أن البغدادى الذى اعتقل أكثر من مرة ووضع هناك ما بين عام ٢٠٠٥ - ٢٠٠٩ قال عند الإفراج عنه لفريق السجانين وهو يستعد للخروج" أراكم فى نيويورك ياشباب" ! وكان المسافة بين بوكا ونيويورك مسافة معتقل كبير، ومن يتذكر هذا التاريخ يدرك أنه مظلة نفهم منها اننا كُنَّا فى هذه المشاهد من قبل لأن اللاوعى يصور للعقل رسائل خفية تبعثها الميديا الأمريكية حول ضربة نيويورك القادمة وتتبناها داعش القوة الوهمية التى تريد امريكا ان تحمى نفسها منها لأنها تمتلك الأسلحة الحديثة التى تفوق اسلحة خصومها وهى نفس الأسلحة التى لا نعلم كيف تدربت داعش على استخدامها، لكننا ينبغى أن نردد معلومات طول الوقت مفادها أن داعش قادرة على التسلل لأمريكا لأن البغدادى قال "أنا جاى." فأين هو سيناريو الضربة المنتظرة التى تهدد نيويورك من بعد هجمات سبتمبر ومنذ ان قام معتقل بوكا جنوب العراق بتفريخ الإرهابيين؟، فقائد داعش كان داخل بوكا وتم تسريحه بل أخلى الجنود الأمريكيون المعتقل بالتدريج حتى أصبحوا يبسطون سيطرتهم على العراق وسوريا ونشاهد دمويتهم هناك يوما بعد يوم.

لقد أراد هؤلاء المتطرفون أن يفرضوا تصورهم للمجتمع العادل على جميع المسلمين بالقوة، ليس المسلمين فقط بل والشيعة أيضا وبدا ذلك من داخل معتقل بوكا تم التخطيط ونشر الإيديولوجيات وعقد تحالفات متوترة بين السنة والشيعة تسببت فى الفصل بينهم داخل المعتقل كما وصف عضو الصليب الأحمر الدولى الذى عمل هناك ويدعى مروان لإحدى الصحف الألمانية.

عملية التحضير لبرنامج داعش بدأت منذ الغزو الأمريكى على العراق مُنحت فيها الفرصة للمتطرفين من خليط المجاهدين السنة وأعضاء حزب البعث من نظام صدام للعيش لتحقيق شبكة تواصل تُيسر سياسة البيروقراطية للدولة الإسلامية بعد أن كانت مقسمة مابين المقاتلين العرب الأجانب والمقاتلين المحليين.

علينا أن نكون حذرين فى أحداث الفوضى التى تسمح لأمثال هؤلاء أن ينجحوا، وعلينا أن نكون حذرين من غزو الدولة وتدمير البنية الاجتماعية والبنية السياسية عندما نزيل من نعتقد أنه أخطر دكتاتور لنستبدله بواحد من هؤلاء فنساعد على بناء دولتهم.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;