المطالع لصفحات الحوادث خلال الأيام القليلة الماضية، يكتشف وجود عدد ليس بالقليل من الجرائم الأسرية، ما بين رجل يستأجر آخر لقتل زوجته واغتصابها، وثاني يلقي بشريكة حياته من الطابق الخامس، وثالثة تخنق طفلتيها لسوء معاملة الزوج لها، وغيرها من الجرائم الأسرية التي تدق ناقوس الخطر في مجتمعنا.
نحن أمام أشخاص متوترين جنحوا للعنف، واستسلموا لشيطانهم الأشر في لحظات ضعف، استسلموا لشرورهم، عطلوا عقلوهم وقلوبهم وضمائرهم، فكانت النتيجة مزيد من الدماء.
كيف هانت عليهم أرواح ذويهم؟!، فقتلوهم بهذه الطريقة البشعة!!، ليجدوا أنفسهم خلف الأسوار ينتظرون حبل المشنقة، بعدما توارت جثث ذويهم في القبور.
كل هذه الدماء التي تتساقط يوماً تلو الآخر، لأسباب واهية، ربما لخلافات زوجية بسيطة، حدثت وتحدث داخل جدران كل منزل، لكن هناك من سيطر على نفسه وقت الغضب، ونجح في احتواء الأزمات، والعبور بمنزل الزوجية لبر الأمان، بينما فريق آخر أصابه الوهن والضعف، فسقط في مستنقع الجريمة، ليجد نفسه قاتلاً لأقرب الأشخاص إليه "زوجته، أبنائه" ليفوق بعد غفوته، ولسان حاله يقول: "ليتني لم أفعل ذلك، ليتني كنت نسياً منسيا".
إن الأمراض الزوجية هي علة العلل في حياتنا الاجتماعية، وأن تلك الحياة قوامها الرجل والمرأة، فإذا تمت لهما معًا معاني الإنسانية تمت هذه الحياة، وبدت في أبهى صورها، كاملة في كل وجوهها، ماضية في طريقها، تؤدي مُهمتها كما ينبغي أن تكون، فإذا أصاب هذه المعاني شيء من النقص في ناحيةٍ ما، شُوِّهت هذه الحياة، وأصبحت قبيحةً ملعونة، يزول أساس السعادة منها، وتختفي معالم الإنسانية فيها، وتأخذ الحوادث في زلزلتها حتى تنهار بأكملها، وفقاً لما سردته النيابة العامة في قضية "مقتل طفلتين بهتيم".
اعلموا أيها السادة أن الحياة السعيدة في سعادة الرجل وزوجه، لا في قصور ولا متاع ولا زينة، وأن السعادة قد تَفرُّ من قصر شامخ إلى كوخ فقير تملؤه حياة صحيحة بين زوجين فإذا هما في السعادة ومنها وإليها يمضيان.
إن أسس تلك السعادة والحياة الثابتة هي التسامح والتعاون وتقدير الواجب وحُسن وزن الأمور ومناسبتها، فكل ذلك له بالغ الأثر في الرابطة الزوجية، ولهذه الرابطة بالغ الأثر في حياة سائر الإنسانية. فتأملوا.