مع انطلاق مارثون انتخابات مجلس الشيوخ، وكلنا أمل، أن تحظى الدولة المصرية بغرفة تشريعية ثانية تتضافر فيها الجهود لترسيخ قواعد بناء الدولة المدنية الحديثة، وأن لا ينظر إلى هذه السباق بعين ما كان يدور فى العهود السابقة، من خلال تكريس الفهم الخاطىء الذى يربط انتخابات المجالس التشريعية بمفهوم نائب الخدمات، متمنين أن يختفى هذا المفهوم الذى كثيرا ما أرهق الحياة السياسية، ولهذا وجب علينا المشاركة في هذه الانتخابات من هذا المنظور، وأن لا نعيد إلى أذهاننا تلك المشاهد المأساوية، التي إصابة سمعة المجالس النيابية لسنوات.
وعندما نذهب إلى صناديق الانتخاب يجب أن نحكم ضمائرنا، ونلجم عواطفنا الشخصية، ونختار من يمتلك معيارا للأهلية العلمية والأخلاقية والوطنية، وأن تكون النزاهة والتفاني في خدمة الناس هدفه بعيدا عن العلاقات الشخصية والوساطات.
وأن يكون نصب أعيينا دائما، الهدف الأعظم وراء إنشاء هذا المجلس، والذى يتمثل فى زيادة التمثيل المجتمعى وتوسيع المشاركة وسماع أكبر قدر من الأصوات والآراء، وضمانة مهمة لتطوير السياسات العامة للدولة وبرامجها الاقتصادية والاجتماعية والمعاونة فى إنجاز العملية التشريعية وسن القوانين بطريقة أفضل تضمن حسن الدراسة والمناقشة، والاستفادة المثلى بمخزون الخبرات المصرية.
ليقودنا هذا الفهم، لسؤال، إجابته علاج حقيقى للخلط واللغط الدائر الآن حول ما هية هذه الانتخابات، وهو هل من حق مجلس الشيوخ محاسبة أو مساءلة الحكومة؟ وتتلخص الإجابة نصا "رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء وغيره من أعضاء الحكومة غير مسئولين أمام مجلس الشيوخ، وذلك تأسيساً على الاتجاه الغالب فى النظم الدستورية المقارنة التى تأخذ بنظام الازدواج البرلمانى، حيث تكون الحكومة مسئولة أمام المجلس الأدنى فقط.
طبعا هيتبادر للذهن فورا، طالما لم يكن لهذا المجلس دور قوى فى مراقبة الحكومة، فما هى اختصاصته وما هو دوره، لتأتى الإجابة نصا "يؤخذ رأى مجلس الشيوخ فى الاقتراحات الخاصة بتعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، ومناقشة مشروع الخطة العامة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، معاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التى تتعلق بحقوق السيادة، ما يحال إليه من مشروعات القوانين المكملة للدستور وغيرها من مشروعات القوانين التى تحال إليه من رئيس الجمهورية أو من مجلس النواب، وما يحيله رئيس الجمهورية إلى المجلس من موضوعات تتصل بالسياسة العامة للدولة أو بسياستها فى الشئون العربية أو الخارجية ويبلغ المجلس رأيه فى هذه الأمور إلى رئيس الجمهورية ومجلس النواب.
وأخيرا، نتمنى أن يخلوا هذا السباق الانتخابى من مظاهر رديئة، رأيناها كثيرا فى الماضى، ببساطة لا نريد نائب دائرة أو بما يسمى نائب خدمات لا يهمه سوى إرضاء دائرته، ولا يحمل سوى انتماء وطنى جزئى يتخذه جسراً ليصل من خلاله إلى مقاصده الآنية ومصالحه الشخصية، لأن مصلحة الوطن والمواطن فوق الجميع.