من أكبر وأخطر الأخطاء التي يرتكبها بعض الراغبين في العمل في خارج مصر ، أنهم لا يراعون الالتزام بما قد يستلزمه القانون باللجوء إلى وزارة العمل المصرية وتوقيع عقد مستوفي الاركان والتصديق عليه ، فيقوم بقبول ما يطرح عليه من عرض ويوقع بذلك او لا يقوم بتوقيع عقد مطلقا ، ويسافر إلى الخارج بمقتضى اتفاق عرفي ، لا هو مسجل ولا هو خاضع لرقابة .
وتترك الأمور لامواج الحياة وتقلبات المزاج وعوامل الكيمياء التي لا تأتلف كثيرا . وعندما لا تعمل الكيمياء بين الشركاء ينقلب صفو الأمور كدرا عكرا. وليست المشكلة بالطبع في اختلاف الكيمياء ذاته ، ولكنه يضيف إلى صعوبة الخلافات صعوبة . ويتمسك طرفا التعاقد برؤيتيهما للخلاف ولسبل الحل ، دون تراجع من أجل تسوية عادلة منصفة .
بل ان بعض الشركاء ينتهزون فرصة التعاقد العرفي وضعف الشريك الوافد وهشاشة ظروفه ويغالون في مواقفهم ويسعون إلى إيذاء الوافدين عليهم والى الأضرار بهم ، بالتعجيل بإلغاء الاقامات والشكوى لدى سلطات الهجرة والعمل على خنق سبل الحياة أمام الوافدين العراة من الحماية القانونية .
ولا يجدي تدخل السفارات والمكاتب العمالية كثيرا في هذه الخلافات حول اتفاق عرفي لا شاطىء له ولا مرسى ، وأن تصور البعض غير ذلك . فالبعض يظن ان كل ما عليه ان يهرع بشكواه - وفق تصوره - الى السلطات المصرية لتجد له حلا من تحت الارض - كما يقولون - غير مدركين ان الحكم قي كل اتفاق هو عقد المتعاقدين وشروط التعاقد .
ومهما تدخلت اية جهة ذات سلطة لتسوية خلاف عرفي ، فان اهداف هذا التدخل سوف تنحصر في محاولة الوصول الى الحد الادنى من التسوية الودية ، بغية حماية الشريك الوافد من مواجهة قانونية او غير قانونية تفوق قدرته وعلمه بالمحيط الجديد عليه . فجل ما يساعد مكاتب العمل والسفارات في الخارج هو الارتباط القانوني وتمتع المطالب بحق بحقوق قانونية مثبتة وتمكن السلطات من المطالبة بها والعمل على حمايتها .
وفي غياب الحق القانوني يصبح كل شىء ضبابيا وقد لا يستدل عليه ، ويكون الأفضل في تلك الحالة ، إنهاء الخلاف دون تطور إلى الأسوأ ، والعودة إلى الوطن ، وأن كانت عودة الخائب .
فلا تبخل على نفسك بعقد صحيح موثق يظهر ما لك وما عليك ، قبل أن تغادر مصر ، حتى لا تقع في شباك خلافات تبتلعك في الخارج . فإذا كنت مرتبطا بعمل حكومي او وظيفة تربطك بجهة ما ، فالافضل لك أن تبقى على ما انت عليه ، حتى تأتيك ظروف مناسبة لمكسب مادي افضل ، ولا تحاول أن تقبل أعمالا جانبية بعقود عرفية لا تضمن لك شيئا ، بل قد تعرضك للخطر في الخارج وتعرض وظيفتك في مصر لاضطرابات انت في غنى عنها .