انطلق موسم الرسائل المزعجة من الجامعات الخاصة مبكرا، فقد بدأت شركات المحمول سريعا فى بيع بيانات عملائها مع قرب بدء موسم تنسيق القبول بالجامعات، الذى ينطلق فعليا بعد ظهور نتيجة امتحانات الثانوية العامة، عقب إجازة عيد الأضحى، فقد اعتمدت الجامعات الخاصة على نفس أسلوب شركات إبادة الحشرات، التى تلاحقنا برسائلها بصورة مستفزة لإقناعنا بمنتجاتها التى لا يعرفها أحد.
فى الصباح الباكر استيقظت على نغمة رسائل الهاتف، وإذ برسالة تقول: " انضم إلى جامعة إسلسكا الأوروبية لبكالوريوس إدارة الأعمال، أو بكالوريوس الحوسبة والتكنولوجيا الرقمية لتتخرج فى 3 سنوات فقط"، الحقيقة لم أسمع عن هذه الجامعة من قبل، ولا أعرف إن كان هناك جامعة أو كلية فى مصر تمنح طلابها البكالوريوس فى 3 سنوات فقط، ولا أعرف مدى تطابق ما تعلنه هذه الجامعة مع معايير وزارة التعليم العالى، ومواصفات التعليم الجامعى الصحيحة التى حددها القانون وتنظمها اللوائح.
الأصل أن الجامعات الخاصة مشروعات غير هادفة للربح، تقدم خدمة للمجتمع من خلال توفير تعليم جاد، يتوافق مع المعايير التى تضعها وزارة التعليم العالى، وتخفف العبء والضغط على الجامعات الحكومية، وتتيح للطلاب فرصا أوسع فى الدراسة بالمجالات التى يرغبونها أو يهتمون بها، إلا أن الواقع العملى لهذه التجربة يؤكد أنها تحولت إلى تجارة بامتياز، ومشروع ضخم أرباحه مضمونة وبالمليارات، فلا يشترط أن يعمل أصحابها فى مجال التعليم أو التدريب، أو يكونوا من رواد التنمية البشرية، فكل الجامعات الخاصة بمصر يمتلكها رجال أعمال يعملون فى مجالات مختلفة، بداية من المواد الغذائية، حتى السجاد والمفروشات، وماخفى كان أعظم.
الجامعات الخاصة فى مصر ملف كبير يحتاج إلى دراسة جادة ورقابة فعالة، للتأكد من جودة التعليم الذى تقدمه للطالب، وحجم ما لديها من تجهيزات واستعدادات تخدم الدراسة الجامعية، بالإضافة إلى مستوى تأهيل الأساتذة الذين يعملون بها، وخبراتهم، وهل تساهم فى تفريغ الجامعات الحكومية من الكوادر العلمية، أم أنها تعمل بلغة السوق وتتعاقد مع الأساتذة الأقل فى القيمة والمكانة العلمية، الذين فقدوا حظهم فى جامعتهم، ولم يتقلدوا درجاتهم العلمية أو مناصبهم المناسبة، ليصبحوا نماذج مثالية وفى مواقع قيادية داخل الجامعات الخاصة.
ملف الجامعات الخاصة فى مصر كبير ويحتاج إلى شرح ودراسة، وحتى نتمكن من تقديم خدمة لطلاب الثانوية العامة وأولياء أمورهم قبل ظهور نتيجة الامتحانات، سنحاول أن نضعهم على الطريق الصحيح، ونتعرف معهم على الإمكانيات المتاحة لدى كل جامعة خاصة ونقاط القوة والضعف فيها، من خلال سلسلة مقالات وموضوعات خلال الأيام المقبلة.