من أدخل الدواعش ومؤيديهم ساحة نقابتنا؟
بيانان لنقابة الصحفيين خلال أربع وعشرين ساعة، فوتا الفرصة على من يريدون اختطاف نقابتنا العريقة للتعبير عن اتجاهات سياسية متطرفة، أو تصوير الصحفيين على أنهم فئة فوق القانون ويسعون للصدام مع مؤسسات الدولة بما فيها الرئاسة والقضاء، فقد تضمن بيان النقابة الأول تقديرا صريحا لشخص الرئيس السيسى ومؤسسة الرئاسة، وكذا كل مؤسسات الدولة، وهو الموقف الذى يتسق مع قدر ومكانة النقابة التى تأتى فى طليعة النقابات المهنية فى مصر، بوصفها قلعة من قلاع الحريات.
وتضمن البيان الأول أيضًا تقديرًا لجهود وزارة الداخلية فى مواجهة الإرهاب البغيض، ودفعها المؤامرات ضد استقرار هذا البلد الأمين، وتضحيات ضباطها وأفرادها المتواصلة لحماية وتأمين الشعب المصرى، كما تضمن البيان أيضًا استنكارا واضحا من نقابتنا، ورفض استغلال أى فصيل أو جماعة متطرفة لدفاع الجماعة الصحفية عن قضاياهم النقابية لتصوير أنهم فى خصومة مع الدولة المصرية، بالإضافة إلى إبداء حسن النوايا وتأجيل الدعوة للمؤتمر العام لأعضاء النقابة أسبوعًا للسماح لوفد مجلس النواب بالتدخل والوساطة لتقريب وجهات النظر وحل الأزمة مع الداخلية.
وجاء البيان الثانى لنقابة الصحفيين ليعلن بوضوح الإدانة الكاملة للعملية الإرهابية الخسيسة التى استهدفت ثمانية من رجال الشرطة بمنطقة حلوان، وضرورة تكاتف كل مؤسسات الدولة بما فيها الصحفيون ونقابتهم خلف الجيش والشرطة لاستئصال الإرهاب من جذوره وتحقيق الأمن والاستقرار، وهنا لابد أن نثمن موقف نقابتنا الوطنى الذى استجاب للحكماء الراغبين فى التدخل لحل أزمة كان من الممكن أن تنتهى فى مهدها، وقبل أن تستفحل ليستغلها أعداء البلاد فى الداخل والخارج، كما رأينا جميعًا، ونثمن أيضا وقوفها إلى جانب مؤسسات الدولة المعنية بمواجهة الإرهاب فى الصفوف الأولى وتلقى رصاصاته الغادرة فداء لجموع المصريين.
ومع ذلك تبقى مجموعة من الأسئلة تحتاج إجابات واضحة شافية، منعًا لتكرار هذا الموقف الملغز الذى بدا فيه الصحفيون فى صدام مع الرئيس تارة، ومع النيابة العامة تارة أخرى، ومع جموع الناس تارة ثالثة:
أولا: من صاحب الاقتراح فى بيان النقابة الأول خلال الأزمة بأن يتقدم الرئيس والحكومة كاملة بالاعتذار؟ وهو الاقتراح الذى وضع جموع الصحفيين عمليا فى خانة الصدام مع كل مؤسسات الدولة، وحوّل الخلاف مع الداخلية إلى خلاف مع عموم المصريين، مما دفع الجماعة الصحفية إلى مربع الخسارة.
ثانيا: من وافق لقناتى الجزيرة والشرق بالبث ساعات من داخل النقابة وإجراء المقابلات بحرية، بل السماح لأفراد محسوبين على جماعة الإخوان وفلول تنظيم داعش الإرهابى بالعمل السياسى وسط حشود الصحفيين المجتمعين لقضية نقابية ومهنية بالأساس؟
ثالثا: من سمح لعدد من الصحفيين بعمل قوائم سوداء للمخالفين فى الرأى من أعضاء النقابة الذين رفضوا اختطاف نقابتنا لصدام شامل مع الدولة أو التجاوز بحق رئيس الجمهورية؟ وحتى بعد صدور نفى رسمى من النقابة حول قضية القوائم السوداء، استمرت صحفية معروفة زوجة أحد أعضاء المجلس بجمع التوقيعات والترويج لتلك القائمة.
نريد من نقابتنا تحقيقا شاملا حول ملابسات الاجتماع الأول وما خرج عنه من بنود ملزمة للصحفيين والصحف، فى ضوء التفاصيل الكثيرة والمعلومات التى تم الكشف عنها بعد الاجتماع، والتى أضعفت بشكل كبير موقف النقابة أمام مؤسسات الدولة، وجعلتنا نشعر بأن هناك تيارا سياسيا محددا يختطف النقابة إلى تصعيد غير مسؤول ولا يمثل الغالبية من الأعضاء.
هل يمكن أن تجرى النقابة هذا التحقيق بمعرفتها، وأن تعيد الأمور إلى نصابها، حفاظا على هيبتها ومكانتها وموضوعيتها، بدلا من أن يتداعى عليها المتربصون كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها؟.