حاولت جاهدا خلال الأيام الماضية أن أتعرف على الدور الذى يقوم به رؤساء الأحياء، والمدن ومجالسها التنفيذية، حتى أقتنع أن هناك أدوارا يمكن لرئيس الحى ونوابه القيام بها، غير "إزالة الإشغالات"، والسعى خلف الأكشاك المخالفة، وملاحقة الفكهانية، وباعة العيش وعربات البطاطا، و"الدرة المشوى"... وكل ما نراه في الشارع من مظاهر تعودنا عليها، ومع ذلك مازال الحى لا يألفها منذ عشرات السنين ويمارس معها لعبة " القط والفأر"، فتارة ينجح وأخرى يفشل، إلا أن الصراع سيظل مستمرا، لحين يعرف كل طرف ما له من حقوق وما عليه من واجبات، ومن منظور شخصى بحت لا أحب أن تكون الشوارع مكدسة بالإشغالات ومظاهر الفوضى والعشوائية، كما لا أقتنع أن دور الحى الوحيد هو إزالة هذه الإشغالات و السعي خلفها، فهناك أدوار أهم وأكثر تأثيرا كما وضحها قانون الإدارة المحلية.
وحتى نتعرف على هذه الأدوار الغائبة علينا أن نفتح قانون الإدارة المحلية الذى أكد أن رئيس الحى يتولى متابعة المرافق «مياه الشرب والصرف الصحى – أعمال الكهرباء والتليفونات - والغاز»، إلى جانب معالجة أى خلل أو عطل فيها، كما يتولى الأعمال الميدانية والإشراف على الفنيين المخول لهم متابعة أعمال النظافة، بجانب المرور على المخابز ومستودعات الغاز وسيارات توزيع الأنابيب، بالإضافة إلى عرض تقرير شهرى على المحافظ أو نائب المحافظ للوصول إلى حل لجميع المخالفات، بالإضافة إلى إعداد الخطط والبرامج الخاصة بمحو الأمية وتعليم الكبار وتنفيذها، والإشراف على امتحانات النقل فى المدارس فى المواعيد التى تحددها المحافظة، مع التركيز على النواحى الصحية المتعلقة بالإشراف على إدارة مكاتب الصحة ومراكز تنظيم الأسرة وعيادات الأحياء ووحدات العلاج والإسعاف الطبى وغيرها.
إذن كل ما سبق جزء من عمل كل رئيس حى، بالإضافة إلى الدور التقليدى المرتبط بإزالة الإشغالات والمخالفات في الشوارع، وعلى المسئولين في تلك الأحياء أن يمارسوا أدوارهم التنموية والشعبية، التي تخص مصالح الناس، مثل متابعة الوحدات الصحية والمستشفيات والمخابز ومرافق المياه والكهرباء والغاز وغيرها، دون حصر ادوارهم في مواجهة الإشغالات، لدرجة أن بعضهم لا يعرف سوى التقاط الصور مع "الإشغالات"، وكأن الإنجاز الأعظم له أن يتحفظ على ثلاجة سوبر ماركت أو " مشنة ليمون" أو"قفصين طماطم"، من سوق شعبى.
نعرف ونقدر أن الإشغالات عمل مربح، ويدر أموالا لخزينة الحى، إلا أنه يجب أن يكون هناك سعى لمهام وأدوار أخرى، حتى يمكن أن ندفع هذا البلد للأمام ونعاون في النهوض بمستقبلها بصورة أفضل، فلم نر حيا واحدا أطلق مبادرة لتجميل أسوار المدارس، أو ساهم في التوعية بقضية الزيادة السكانية، أو قدم نموذجا للأسر الناجحة، أو كرم رموزا تستحق الإشادة والتقدير، أو شارك في مسابقة لأوائل الشهادات، أو ساهم في تحسين حالة المرافق في منطقة محرومة، "عشش السكة الحديد في شارع السودان بالدقى نموذجا"، بحيث يظل الجميع مرهونين بفكرة الإشغالات وإزالتها.
مشكلات الأحياء ومراكز المدن في كل مكان داخل محافظات الجمهورية المختلفة، إلا أنها تتجلى واضحة فى محافظة الجيزة، وهنا أناشد المحافظ ضرورة أن يتحرك فعليا للرقابة على دور الأحياء فى خدمة الناس لا معاداة الناس، دور الأحياء فى دعم المواطن لا استنزافه، وكما أن محافظ الجيزة رجل يعمل في صمت دون أن يرسل إنجازاته إلى الصحف ووسائل الإعلام، فعليه أن يوجه الأحياء بالعمل في صمت والسعى لخدمة الناس، فمازال بعضهم لا يستهدف من العمل سوى الشو والظهور، دون أن يعى أن الأمر ليس بحجم الصور والأخبار في الصحف ووسائل الإعلام وصفحات السوشيال ميديا، لكن بالجهد على الأرض والقدرة على خدمة الناس.