فى السادس من يوليو، ترأس وانغ يى عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية الصينى، ووزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردنى أيمن الصفدى الدورة التاسعة للاجتماع الوزارى لمنتدى التعاون العربى - الصينى عبر آلية الاتصال المرئى.
«منتدى التعاون الصينى - العربى» هو أول إطار للتعاون الجماعى العربى - الصينى، تأسس فى الثلاثين من يناير عام 2004، ويهدف إلى عقد الجانبين اجتماعا وزاريا بالتناوب بين الصين والدول العربية كل عامين، واستضافت الأردن هذا العام الاجتماع الوزارى التاسع نيابة عن الجانب العربى. وبصفتى ممثل الصين فى جامعة الدول العربية، أود أن أشارك النتائج الإيجابية لهذا الاجتماع الهام مع أصدقائى المصريين.
وقد بعث الرئيس الصينى شى جين بينغ برسالة تهنئة إلى الاجتماع، أشار فيها إلى أنه فى ظل الظروف الراهنة، أصبح من الضرورى أكثر من أى وقت مضى أن يكثف الجانبان الصينى والعربى التعاون وأن يتكاتفا للتغلب على الصعوبات، آملاً أن تستغل الصين والدول العربية الاجتماع كفرصة لتعزيز التواصل والتنسيق الاستراتيجيين، ودفع التعاون بشكل مطرد فى مختلف المجالات بما فى ذلك مكافحة والوباء وغيرها من المجالات، وتعزيز بناء مجتمع مصير مشترك صيني - عربى من أجل المضى قدما بشكل أعمق وأكثر عملية، لتحقيق منفعة أفضل لشعبى الجانبين.
تعكس رسالة تهنئة الرئيس شى جين بينغ الأهمية الكبيرة التى توليها الصين للعلاقات الصينية العربية والدور القيادى لدبلوماسية الرئيس الصينى فى الدفع بالشراكة الاستراتيجية بين الصين والدول العربية، وتوضح الأهمية الكبيرة لبناء مجتمع صينى عربى بمستقبل مشترك للعصر الجديد فى ظل الظروف الحالية.
هناك ثلاث خصائص تميز الاجتماع هذه المرة، أولاً: يُعقد الاجتماع فى ظل تفشى كوفيد -19 المستجد. تأثرت الصين وجميع الدول العربية بجائحة الوباء، واضطرت العديد من الدول العربية إلى تأجيل أو إلغاء العديد من اللقاءات والاجتماعات التى كان من المقرر عقدها، إلا أن الجانبين الصينى والعربى عملوا بجد حتى النهاية للتغلب على الصعوبات، وتم عقد الاجتماع الوزارى فى موعده المحدد، وهو ما يعكس أن الصين والدول العربية تكافح الوباء جنباً إلى جنب، وأن هناك تصميما وإرادة ثابتة لدفع العلاقات الاستراتيجية بين الجانبين، وتأكيداً على أن الوباء لن يعوق خطوات التعاون الودى بين الصين والدول العربية.
ثانياً: ارتفاع معدل المشاركة، حيث ألقى 21 من وزراء خارجية الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية أو من ينوب عنهم كلمة خلال الاجتماع، كما حضر الاجتماع وزير الخارجية المصرى شكرى والأمين العام لجامعة الدول العربية.
ثالثاً: أسفر الاجتماع عن إعلان ثلاث وثائق مهمة، وهى «بيان مشترك للتضامن فى مكافحة وباء كوفيد-19 بين الصين والدول العربية»، «إعلان عمان»، و»خطة تنفيذ منتدى التعاون الصينى العربى لعام 2020 - 2022».
ويمكن تلخيص هذه الوثائق الختامية الثلاث فى ثلاث «كلمات رئيسية». الكلمة الرئيسية الأولى هى «تقاسم الصعاب، والتحدى لمواجهة الوباء»، فقد أوضح «البيان المشترك للتضامن فى مكافحة وباء كوفيد-19 بين الصين والدول العربية» على إصرار الصين والدول العربية على توحيد القوى لمواجهة جائحة وباء كورونا المستجد، وقد شددت الصين والدول العربية بالإجماع على أن التضامن والتعاون هما أقوى الأسلحة التى يمكن أن يستعين بها المجتمع الدولى للتغلب على الوباء، وقد دعا الجانبان أنه فى ظل مواجهة جائحة كورونا المستجد من الضرورى تعزيز بناء مجتمع مستقبل مشترك بين الصين والدول العربية يشمل كل الأصعدة بما فيها المجال الصحى. ستواصل الصين والدول العربية تعزيز التعاون فى مجال الوقاية من الوباء ومكافحته، والبحث والتطوير فى مجال اللقاحات، والدفاع عن التعددية، ودعم منظمة الصحة العالمية فى لعب دورها الرئيسى، ومعارضة وصم الفيروس وتسييس الوباء. إن الصين على استعداد لمواصلة تعزيز التعاون مع الدول العربية فى مجال الوقاية من الوباء ومكافحته، والبحث والتطوير فى مجال اللقاحات، واستمرار تقديم المساعدات للدول العربية لمكافحة الوباء، والمساهمة المشتركة لتحقيق نصر عالمى على هذا الوباء.
الكلمة الرئيسية الثانية هي «التعاون لبناء مجتمع صينى عربى للمستقبل المشترك». وكوثيقة ختامية للاجتماع الوزارى، تضمن «إعلان عمان» لأول مرة مضمون البناء المشترك لمجتمع صينى عربى مشترك المصير، وبالتالى تم إلقاء الضوء على الإرادة الراسخة للدعم المتبادل والمصير المشترك.
وأريد أن أشير إلى أن الصين تقدم جزيل الشكر للدول العربية على دعمها القوى للصين لحماية أمنها الوطنى فى هونغ كونغ، كما تعارض الدول العربية التدخل فى الشؤون الداخلية للصين؛ وتدعم سيادة الصين وسلامتها الإقليمية، وتلتزم بمبدأ الصين الواحدة، وتعارض جميع أشكال «استقلال تايوان»؛ وتدعم الصين فى اعتماد تدابير وقائية لمكافحة الإرهاب والتطرف لمواجهة القوى الدينية المتطرفة والقوى الانفصالية العرقية والقوى الإرهابية التى تنخرط فى أنشطة انفصالية مناهضة للصين.
ومن جانبها، تدعم الصين بقوة الدول العربية للحفاظ على استقراها وأمنها القومى، وتحقيق مسار التنمية المستقلة، وتدعم بقوة القضية العادلة لفلسطين، وتواصل لعب دور بناء فى تعزيز السلام والاستقرار الإقليميين.
كما رحبت الصين بالمبادرة العربية لعقد قمة عربية صينية من أجل الدفع بالشراكة الاستراتيجية العربية الصينية إلى آفاق أرحب، وتوافق على عقد القمة فى الوقت المناسب ،وإدراج قضية بناء المجتمع العربى الصينى لمستقبل مشترك كأحد موضوعات القمة.
الكلمة الرئيسية الثالثة هى «التعاون الكامل والتنمية المشتركة»، حيث أقر الاجتماع «خطة تنفيذ منتدى التعاون الصينى العربى لعام 2020 – 2022» . والتى تغطى 107 من إجراءات التعاون، وتشتمل على 20 مجالًا من بينها السياسة والاقتصاد والقدرة الإنتاجية والصحة، حيث ترسم ملامح مستقبل التعاون العملى والتنمية المشتركة بين الصين والدول العربية.
وفى المرحلة المقبلة، سيعزز الجانبان دفع تنفيذ العديد من التوافقات الجديدة التى تم التوصل إليها فى مجالات التجارة والاستثمار، والطاقة، والعلوم والتكنولوجيا، والعلوم الإنسانية، وبناء المنتدى، وتعزيز التعاون فى المجالات ذات الصلة بشكل كامل، إضافة إلى بناء «الحزام والطريق» بجودة عالية، ودفع الحوار بين الحضارتين الصينية والعربية، بما يخدم مصلحة الجانبين وشعوبهما ويصب القوة لتنميتهما ونهوضهما.
فى حفل افتتاح الاجتماع الوزارى الأخير قبل عامين، أعلن الرئيس شى جين بينغ إقامة تعاون شامل وتنمية مشتركة وشراكة استراتيجية عربية صينية موجهة نحو المستقبل، واقترح أن تبنى الصين والدول العربية مجتمعًا لمستقبل مشترك، لذلك على مدى العامين الماضيين، وبفضل الجهود المشتركة للجانبين، شهد التعاون الصينى العربى تطورا شاملا فى المجالات كافة، وشهدت الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين ازدهارا ورخاء وحققت نتائج مثمرة، وبدأ المجتمع الصينى العربى للمستقبل المشترك يضرب بجذوره فى أعماق أرض.
فى الوقت الحاضر، لا يزال وباء كورونا المستجد ينتشر فى أنحاء العالم، وفى رأيى لم يكن مستقبل البشرية ومصير البلدان مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا كما هو اليوم.
وخلال مواجهة تلك الأزمة، كانت الصين والدول العربية فى نفس القارب، وساعدت ودعمت بعضهما بعضا، وهذا مثال حى للمستقبل المشترك بين الصين والدول العربية.
إن شجرة الصداقة الصينية العربية تضرب بجذورها فى تربة خصبة من الاحترام المتبادل والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك، ولا يمكن أن تزعزعها أى رياح أو أمطار أو أى قوة أخرى.
محنة كوفيد-19عززت العلاقة بين الصين والدول العربية وجعلتها ترتقى إلى درجة أعلى وأسمى، وبالتأكيد سيصل التعاون الاستراتيجى بين الصين والدول العربية إلى مستوى جديد، ومن المؤكد أن مستقبل العلاقات الصينية العربية سيكون أفضل فى الغد القريب.