عبير موسى.. جميلة بوحيرد التونسية

عندما شاهدت النائبة عبير موسى، رئيسة الحزب الدستوري الحر بتونس، في إحدى جلسات البرلمان، تذكرت المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد التى ولدت في حي القصبة، بالعاصمة الجزائر، من أب جزائري مثقف وأم تونسية من القصبة، وكانت البنت الوحيدة بين أفراد أسرتها وسط 7 شبان، وكان لوالدتها التأثير الأكبر في حبها للوطن، فقد كانت أول من زرع فيها حب الوطن، وعندما اندلعت الثورة الجزائرية عام 1954، انضمت ”بوحيرد” إلى جبهة التحرير الوطني الجزائرية للنضال ضد الاحتلال الفرنسي وهي في العشرين من عمرها، ثم التحقت بصفوف الفدائيين وكانت أول المتطوعات مع المناضلة جميلة بو عزة التي قامت بزرع القنابل في طريق الاستعمار الفرنسي، ونظراً لبطولاتها أصبحت المطاردة رقم 1 حتى ألقي القبض عليها عام 1957 عندما سقطت على الأرض تنزف دماً بعد إصابتها برصاصة في الكتف، وهنا بدأت رحلتها القاسية من التعذيب. أيضاً ”عبير” المحامية والسياسية التونسية التي ولدت في 15 مارس 1975 لعائلة وطنية، فالأب يعمل لصالح الأمن القومي والأم تعمل مدرسة، وتولت “عبير” يوم 13 أغسطس 2016 رئاسة الحزب الدستوري الحر إلى جانب توليها الأمانة العامة للجمعية التونسية لضحايا الإرهاب. لتبدأ نضالها ضد الفاشيستية الإخوانية، وهذا لا يقل عن نضال بوحيرد بل لا أبالغ إن قلت إن الإخوان أشد قسوة وأكثر خطراً من الاستعمار على أى بلد. كان الطلاب الجزائريون يرددون في طابور الصباح ”فرنسا أُمُنا” لكن جميلة بوحيرد كانت تصرخ وتقول: الجزائر أًمُنا، فأخرجها ناظر المدرسة الفرنسي من طابور الصباح وعاقبها عقاباً شديداً، ورغم ذلك لم تتراجع وفي هذه اللحظات ولدت لديها الميول النضالية. أما ”عبير موسى” فأطلقت صرخات متتالية في الفترة الأخيرة بالبرلمان التونسي تنادي بتطهير بلدها من الدنس الإخوانجي، إذ يشهد الاقتصاد التونسي تراجعاً مستمراً فى ظل حكم "الإخوانجية"، على حد وصفها، كما نظمت العديد من الوقفات الاحتجاجية ضد سياسة راشد الغنوشي، رئيس البرلمان التونسي وزعيم حركة النهضة الإخوانية، للدفاع عن مدنية الدولة، وقالت للغنوشي: ”قياداتكم إخوانية ومصنفة إرهابية عالمياً، والنهضة أكبر خطر على تونس، ولا يشرفنا أن تكون على رأس البرلمان، أنتم تنتمون لتنظيم الإخوان الذي بث الفتنة في تونس وأعاد سياسات الاغتيالات ولابد من تحرير البلاد من "أخطبوط الإخوان". دخلت ”عبير” في اعتصام داخل البرلمان وقالت إنها "سترابط داخل مجلس نواب الشعب إلى حين تجميع الإمضاءات الضرورية (73 إمضاء) لسحب الثقة من رئيس المجلس راشد الغنوشي، الذي يحمي تسلل الإرهابيين إلى مقر سيادي مثل البرلمان"، واتهمته بالتستر على عملية إدخال شخصيات لها علاقة بالإرهاب إلى البرلمان، ما يشكل تهديداً للأمن القومي وللسلامة الجسدية للأطراف المعارضة للإخوان، مضيفة أن وجود الغنوشي كمسئول سياسي أمر خطير لأنه يستغل نفوذه لأخونة تونس. كان دور جميلة بوحيرد النضالي يتمثل في كونها حلقة الوصل بين قائد الجبل في جبهة التحرير الجزائرية ومندوب القيادة في المدينة ”ياسيف السعدي” الذي كانت المنشورات الفرنسية في المدينة تعلن عن دفع مبلغ مائة ألف فرنك فرنسي ثمنا لرأسه! ونتيجة لبطولاتها أصبحت الأولى على قائمة المطاردين حتى أصيبت برصاصة في الكتف عام 1957 وألقي القبض عليها عندما سقطت على الأرض تنزف دماً، ومن داخل المستشفى بدأ الفرنسيون بتعذيب المناضلة، وتعرضت للصعق الكهربائي لمدة ثلاثة أيام من طرف المستعمر كي تعترف على زملائها، لكنها تحملت هذا التعذيب، وكانت تغيب عن الوعي وحين تفيق تقول ”الجزائر أُمُنا”. حين فشل المعذِّبون في انتزاع أي اعتراف منها، تقرر محاكمتها صورياً وصدر بحقها حكم بالإعدام عام 1957، وأثناء المحاكمة وفور النطق بالحكم رددت جملتها الشهيرة: ”أعرف أنكم سوف تحكمون علي بالإعدام لكن لا تنسوا أنكم بقتلي تغتالون تقاليد الحرية في بلدكم ولكنكم لن تمنعوا الجزائر من أن تصبح حرة مستقلة”. “عبير” لديها قناعة كاملة أن مشروع الإخوان متطرف وليس ديمقراطيا، وأن حركة النهضة تحاول نشر الفكر المتطرف، والإخوان يهدفون إلى ضرب مفهوم المواطنة، وركزت نضالها لكشف حقيقة الغنوشي الذي يهدف من سياسته إلى تمكين الإخوان من مفاصل الدولة، وأنه تجاوز صلاحيات رئيس الجمهورية، أيضاً لديها مشروع أكبر يهدف الى تصنيف تنظيم الإخوان ضمن المنظمات الارهابية كالعديد من دول العالم. بالطبع لم تسلم من تهديداتهم لها بالقتل، فضلاً عن المضايقات التي تتعرض لها ولأعضاء حزبها الذي أصبح حديث الشارع التونسي، ولا تستبعد ”عبير” قيام الإخوان بتدبير مؤامرة ضدها والقيام بجريمة داخل البرلمان للتخلص منها ومن حزبها. وفي يوم 7 مارس 1958 كان موعد تنفيذ حكم الإعدام علي ”جميلة”، لكن العالم كله ثار واجتمعت لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، بعد أن تلقت الملايين من برقيات الاستنكار من كل أنحاء العالم وتأجل تنفيذ الحكم، ثم عُدّل إلى السجن مدى الحياة، وبعد تحرير الجزائر عام 1962، خرجت جميلة بوحيرد من السجن، وتزوجت محاميها الفرنسي جاك فيرجيس سنة 1965 الذي دافع عن مناضلي جبهة التحرير الوطني خاصة المجاهدة جميلة بوحيرد، والذي أسلم واتخذ ”منصور” اسماً له، وعاشت جميلة تحت علم الجزائر المستقلة ونالت العديد من الأوسمة، لكنها قبل ذلك نالت حب الجزائريين والعرب واحترام العالم كله لها. عما عن التاريخ فيقولون إنه يعيد نفسه ونعتقد أنه قريباً سوف يتم سحب الثقة من الغنوشي وتصنيف جماعة الإخوان كجماعة إرهابية بتونس، وتعتلي عبير موسي مكانتها التي تستحقها في الدولة التونسية المدنية التي يحلم بها كل التونسيين تحت العلم التونسي المستقل بعد تحريره من الاحتلال الإخوانى.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;