{ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } البقرة(273)
هل تعلمون أعزائي من هؤلاء الذين تحدثت عنهم الآية الكريمة و الذين أوصانا بهم الله خيراً ؟
هل فكر كل منا أن يبحث عن هؤلاء الذين تعلو وجوههم ابتسامة الرضا بما قسم الله لهم في الحياة الدنيا غير ناقمين إن قتر عليهم الرزق ، تملأ صدورهم العفة و نفوسهم الكرامة و الكبرياء لدرجة قد تبدو للآخرين غني .
هؤلاء الذين يعلمون و يؤمنون بأن الغني الحقيقي هو غني النفس وليس المال الذي عادة ما يكون مئاله إلي زوال .
و بمناسبة عيد الأضحي و تلك الأيام المباركة التي يهرول كل منا بها سعياً للتقرب إلي المولي عز و جل ، فمن الواجب علينا أن نجهد أنفسنا قليلاً لنخرج صدقاتنا لمن هم بحق أحق .
إذ يندرج تحت هؤلاء الذين نحسبهم أغنياء من التعفف قائمة طويلة من أناس لا نعلم عنهم شئ ، فعلي سبيل المثال :
⁃ "طائفة الموظفين "
⁃
⁃ الذين مازالت ضمائرهم حية ، لا تمتد أبصارهم إلي ما يفعله غيرهم من نفس الطائفة كالرشوة وخلافه بحجة ضيق العيش و قلة المرتب أو أي مبرر آخر يحلل به الإنسان لنفسه ما حرم الله ليتخلص من ضميره و يحتفظ به في مكانٍ آمن .
⁃ هؤلاء الذين يعتمدون كلياً علي رواتبهم الزهيدة التي حتي و إن زادت قيراط رفع الجشعين أمامه الأسعار أربعٍ و عشرين !
⁃ "قطاع الطبقة المتوسطة كما يسمونه ":،
⁃
⁃ هؤلاء الذين كانت دخولهم ميسورة سواء كانت عن طريق وظائف مرموقة بالقطاع العام أو الخاص أو لديهم تجارة رابحة أو ميراث معقول يعيشون علي أرباحه ،
⁃ ثم تبدلت أحوالهم بين ليلة و ضحاها طبقاً لتقلبات الزمن التي لا تتوقف ،و ربما لسوء الأوضاع الإقتصادية بسنوات الثورة و ما بعدها و التي نالت من الجميع علي حدٍ سواء .
أخيراً : "المستشفيات الخيرية"
تلك التي تقوم بعلاج المرضي بالمجان و التي تعتمد بشكل أساسي علي تبرعات أهل الخير
و لكننا :
جميعاً و من باب الإستسهال و عدم إرهاق النفس بالبحث الجيد نقوم بإخراج صدقاتنا و تقديم مساعداتنا عادة بغير محلها و بطريقة تقليدية ،
فكلما صادف أحدنا رواد الشوارع و الإشارات و متسولي المناطق المعينة و من يحترفون فن خداع الناس ، أخرجنا لهم ما لا يستحقونه بل يستحقه من هو أحوج لكنه لا يسأل الناس إلحافا .
و غالباً ما يمتلك هؤلاء الذين يجوبون المدن من مشارقها إلي مغاربها الأطيان و العمارات و الأموال الطائلة التي لا تمتلك أنت جزء و لو بسيط منها !
⁃ فهل آن الأوان لتدارك هذا الخطأ التراجيدي ، و تحري مواضع الصدقات و البحث بحق عن مستحقيها و العمل علي مساعدتهم دون المساس بكرامتهم أو جرح مشاعرهم العفيفة الغنية و بطرق غير مباشرة أو مهينة .
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
{سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظلُّه : إمامٌ عدْلٌ ، وشابٌّ نشأ في عبادة الله ، ورجل قلبه معلَّق في المساجد ، ورجلان تحابَّا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال : إني أخاف الله ، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه}.
عن حكيم بن حزام رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
{اليد العليا خَير من اليد السفلى، وإبدأ بمن تعول ، وخير الصدقة عن ظهر غِنًى ، ومن يستعففْ يعِفه الله ، ومن يستغنِ يغنِه الله}.
كفانا الله و إياكم جميعاً شر العوز و تقلبات الزمن التي لا ترحم .
و كل عام و مصر و شعبها بخير و سلام و رخاء و اكتفاء