" إيه فايدة مجلس الشيوخ"، سؤال يتهامس به الكثيرون، حتى أنه صار "أكلشيه" متداول بين الناس، وفى كافة الجلسات، وبين كافة الفئات والطبقات المهتمة بالحياة العامة، حتى أن السؤال يحمل لوما مبطنا للدولة المصرية، وكأن الدولة أعادت المجلس، حتى ترضى بعض الناس، وهذا هو الخطأ الأكبر، والسياق الأكثر تضليلا وظلما لمجلس الشيوخ المقبل.
وتعالى أولا، نذكر الفائدة الأولى والأهم، هو أن الدولة المصرية الحالية، لم تبتدع مجلس الشيوخ، بل هو جزء أصيل في الحياة النيابية المصرية، طوال أكثر من 150 عاما، وبذلك فهو جزء أصيل في جسد الحياة السياسية المصرية.
ثانيا، فكرة الغرفة الثانية في الدول، ليست صناعة مصرية، بل لك أن تتخيل، أن أمريكا وفرنسا وألمانيا وروسيا وبريطانيا، وغيرها من أكبر دول العالم بها غرفتين لتمثيل الشعب، مابين شيوخ ونواب، أو كل دولة باسم مختلف لتلك الغرفتين.
ثالث الأمور المنطقية التي يجب بالضرورة الإشارة إليها، هو المساحة التي سيحتلها مجلس الشيوخ في الحياة النيابية المصرية، وهو الدور المنوط به أن يقوم المجلس بمراجعة والعمل على مناقشة القوانين بحكم خبرة أعضاءه، قبل أن يذهب القانون لمسارات أخرى منها مجلس النواب، وبذلك يكون القانون الذى سيصدر عن البرلمان، هو القانون الأقل في نسب التصحيح والتعديل بعد ذلك.
رابعا، من أهم مميزات وجود مجلسا للشيوخ، هو ملئ الفراغ في الحياة السياسية العامة، التي شهدت ضوابط هامة خلال الفترة الماضية، بحيث خلقت مساحة بين الشارع وبين الدولة، وبوجود غرفتين برلمانيتين، فذلك، سيكون قوة للحياة السياسية، التي ستشهد طفرة كبيرة في التحرك والديناميكية، بحيث يكون مسار العمل مترابط ومتقاطع ومتداخل، فينتج عنه حركة في الشارع السياسى، تكون بالضرورة ذات فائدة على الشارع المصرى، وعلى القرارات والقوانين الصادرة، والتي هي بالضرورة تمس حال المواطنين جميعهم.
خامس المكتسبات والمميزات التي ستعود على الدولة المصرية، من وجود غرفة ثانية للبرلمان، تحت مسمى مجلس الشيوخ، هي أنها ستضم قدر كبير من خبرات الدولة المصرية، وخاصة أنه من حق رئيس الجمهورية تعيين 100 عضو في مجلس الشيوخ، وهم بالتأكيد من خيرة وخبرات الدولة المصرية، وكذلك من الأدوات الجديدة التي تتماشى مع رؤية الدولة، من حيث الإخلاص والايمان بفكرة الدولة، وكذلك أهدافها الجديدة، في العمل والتفانى وانكار الذات، والإخلاص للتجربة، والسعى لنيل كل المكتسبات لصالح الشعب المصرى أولا.
سادس الأمور في المميزات الضرورية التي ستعود على الشارع المصرى، هو أنه كلما زاد عدد النواب والأعضاء في الغرف التشريعية، كلما زاد عامل التصحيح والتصويب والتوجيه بين الدولة والأعضاء، وهو ما سيكون في صالح المواطنين، وصالح الدولة المصرية.
كذلك فمن المميزات الهامة في مجلس الشيوخ، هو زيادة حجم التواصل والتعبير عن الدولة المصرية في الخارج، بحيث يكون هناك تلاقى بين الغرفتين ونظرائهم في الدول الخارجية، وبحيث يكون مردود ذلك جيد للغاية، في شرح رؤية الدولة، والرد على أدوات التضليل التي يصدرها أعداء الوطن بالخارج.
من أهم مكتسبات مجلس الشيوخ أيضا، هو الحفاظ على صورة الدولة الضاربة في التاريخ، بحيث أنه عاد لتصحيح وضع تم صناعته مع تدافع الأفكار بعد 2011، وكذلك 2013، وحيث تم الاستغناء عنه، وكأنه كان بلا إضافة كبيرة، وهو عكس الواقع تماما، فلمجلس الشورى، أو الشيوخ مستقبلا، إضافة كبيرة في الحياة العامة المصرية.
تاسع المكتسبات والمميزات في المجلس المقبل، هو زيادة حجم التمثيل للشباب والمرأة والفئات التي تبحث عن مساحة في العمل العام، وهو ما لايتعارض مع فكرة الدولة، في التأهيل والتدريب ودمج كيانات الدولة في الجسد الكبيرة، وهى الأمة المصرية، التي تستفيد من كل الخبرات داخل مصر وخارجها.
وأخيرا فمن أهم المكتسبات وأعظمها في مستقبل مجلس الشيوخ المصرى، هو أنه سيمثل القيمة المضافة للضوابط الجديدة للدولة، بحيث سيكون لدينا 300 نائبا يمثلون الأدوات الجديدة في العمل العام، والمساحة المتروكة في غفلة من الزمان، بحيث حاول بعض الأطراف غير المحبوبة استغلالها، سواء بالسلب، أو بصناعة صورة من التقرب للدولة، والدولة منهم براءة.