منذ أيام أعطى الرئيس السيسى إشارة البدء لحصاد محصول القمح فى الفرافرة ضمن مشروع الـ1.5 مليون فدان، وافتتاح عدد من القرى الزراعية الحديثة التى تعطى أملاً لبداية خير جديد تشهده مصر، تمهيدًا للاكتفاء الذاتى من القمح وخلق فرص عمل جديدة للشباب.
القمح.. ذلك المحصول الذى يرمز للخير ويمثل أهمية خاصة لدى المصريين، "العيش" الذى هتفت جموع الشعب فى ثورة يناير مطالبة به كأول مطالب الثورة "عيش – حرية – عدالة اجتماعية"، و"أكل العيش" الذى يقصد به المصريون فرص العمل والحياة الكريمة، هكذا كان حجم فرحتنا، وهكذا كانت أهمية هذا الحدث حين شاهدنا حصاد محصول القمح فى الفرافرة.
وعلى النقيض من المشاعر السابقة استيقظنا جميعًا على مشاعر أخرى حين رأينا النيران تلتهم 225 مخزنًا ومحلاً فى حريق مروع بمنطقة الرويعى بالعتبة، بلغت خسائره المبدئية 25 مليون جنيه.
شاهدنا الفزع ونظرات الحسرة فى عيون أصحاب هذه المحلات والعاملين بها وهم يرون "أكل عيشهم" يحترق أمام أعينهم، ومصدر رزقهم تلتهمه النيران، وكاد الكثيرون يلقون بأنفسهم فى النيران لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه من بضاعتهم.
شتان بين مشهد حصاد القمح فى الفرافرة ومشهد احتراق مصادر الرزق فى الرويعى، فارق شاسع يحمل نقيضين من السياسات فى مصر.
مشهد حصاد القمح فى الفرافرة يحمل رؤية لمستقبل يجنى فيه المصريون الخير ويحصدون نتيجة عمل وجهد وعرق وحلم وأمل، مستقبل نورثه لأبنائنا ونحن فخورون بما صنعنا، بينما مشهد حريق الرويعى يحمل تركة فساد وإهمال طويلة، حصاد بيروقراطية وفساد محليات جعل من شرارة تنطلق من فندق صغير غير مسجل بوزارة السياحة ولا تطبق عليه معايير السلامة كمنشأة سياحية تحتاج لتوافر شروط معينة، لتنطلق عبر محلات ومخازن وممرات ضيقة تمتلئ بمواد سريعة الاشتعال ويتوافر فيها كل ما يجعلها منطقة مثالية للانفجار مع انطلاق أصغر شرارة.
لا يخضع كل ما فى هذه المنطقة لأى اشتراطات أو إجراءات تضمن سلامة الأرواح والمنشآت، تمثل قنبلة موقوتة تذكرنا بحوادث القطارات وأشهرها قطار الصعيد، وحوادث غرق المعديات، والحرائق المتتالية التى تشب بين حين وآخر.
مشهد الحريق يمثل سياسة إهمال وفساد تهدم ما نبنيه وتقتل الأمل وتهدد الأرواح بشكل دائم ومتكرر، سياسة تتنافى مع ما نسعى لتحقيقه بغرس بذور القمح وحصاده، فساد يحرق السنابل ومصادر الرزق وأكل العيش ويقضى على أحلام البسطاء وأرزاقهم.
سيادة الرئيس عليك بمن يحرقون سنابل القمح ويحكمون بالإعدام على أحلام البسطاء وأرزاقهم ويسعون لنشر بذور الإهمال وحصادها فى كل مؤسسات الدولة، ويعكرون فرحة حصاد القمح، إنها سياسة الماضى التى يجب أن تنتهى والمتمثلة فى فساد المحليات وتراكم مظاهر الإهمال فى قطاعات عديدة بالدولة والتى تنفجر بين حين وأخر، سياسة تقاوم وتحارب كل ما نحاول بنائه وترفع شعار.. "هدم.. حرق" فى مقابل شعار "زرع.. حصد".