لا شك أن اهتمام القيادة السياسية بالشباب والحرص على مشاركتهم في الحياة السياسية أو إسناد مناصب قيادية لهم ساهم بشكل كبير في تجديد الدماء داخل مختلف الجهات الحكومية وساعد كثير في نجاح الحكومة في تجربة التحول الرقمى، ومواكبة التكنولوجيا الحديثة، واستخدام أحدث النظم في الإدارة وحل الإشكاليات التي كانت تمثل عوائق حقيقية أمام المواطن، وساعدت على استمرار البيروقراطية داخل الجهاز الإدارى للدولة لسنوات.
وكانت وزارة الإسكان، من أوائل الجهات الحكومية التي تبنت تلك التجربة وإسناد أعمال قيادية لعدد من الشباب سواء من خلال اختيار عدد من الشباب كمعاونين للوزير، أو تولى عدد من الشباب رئاسة أجهزة المدن الجديدة، وجاءت النتائج غير متوقعة بالنسبة لوزارة الإسكان، فحقق هؤلاء الشباب نجاحات كبيرة داخل المدن التي تولوها واستطاعوا التقرب للمواطن من خلال الجولات الميدانية المتتالية والمستمرة في الشارع وإزالة الإشغالات والإصرار على التصدي لأى مخالفات تحدث حتى لا تتحول تلك المدن لعشوائية.
من بين المدن التي شهدت تنمية حقيقة على يد هؤلاء الشباب مدينة الشروق ومدينة أكتوبر، ومدينة سفنكس، والمنيا الجديدة، تلك أبرز المدن التي حازت على رضاء المواطن أولا قبل رضاء وزير الإسكان، واستطاع هؤلاء الشباب تسخير التكنولوجيا لخدمة المواطن والتيسير له، فمنهم من أطلق خدمة الواتس اب لتلقى الشكاوى والتواصل مع المواطنين، وأخر سمح بتلقى طلبات التقنين والتصالح والتراخيص من خلال البريد الإلكترونى، وكذلك أيضا استقبال شكاوى فواتير المياه من خلال الواتس اب، وأمثلة عديدة استطاع هؤلاء الشباب أن يقدموها لسكان المدن الجديدة.
أما على مستوى ديوان الوزارة وهيئة المجتمعات، فاستطاع هؤلاء الشباب أن يغيروا فكر الوزارة في التعامل مع بعض القضايا وإحداث تغيير حقيقى، فعلى سبيل المثال قطاع التخطيط والمشروعات داخل هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، حدث به تغير حقيقى في الفكر والاستراتيجية منذ اختيار الدكتور وليد عباس، في منصب معاون الوزير لهذا القطاع، وحصل على إشادات كبيرة من قبل رجال الأعمال أولا الذى كان له دور كبير في تخصيص الأراضى بالأمر المباشر وخاصة صغار المستثمرين، وساهم في إصدار عدد من القرارات الوزارية لعدد كبير من المشروعات الخاصة في وقت قصير كانت تستغرق قبل ذلك سنوات، وكذلك الأمر في القطاع العقارى والتجارى داخل الهيئة، فضلا عن الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحى، ومعاونى رؤساء أجهزة المدن من الشباب التي لا تتخطى أعمارهم الثلاثين عاما.
وطبقا للبيانات الحكومية والرسمية، فإن عدد الشباب في الفئة العمرية (18 ـ 29سنة) بلغ 20,6 مليون نسمة بنسبــة 21% من إجمالي السكان ، كما بلغت نسبة مساهـمة الشـباب (18-29 سنة) في قوة العمـل 39.5٪ (61,6٪ذكـور،16.0٪إنـاث) منـــــهم:9.2 ٪ أميـين، 39.0 ٪ حاصلين على مؤهـل متوسط، و33.9% حاصلين على مؤهل جامعي فأعلى، وبلغت نسبة الشباب المشتغلين بعمل دائم 52.9 ٪(49.1٪ ذكور ،79.2 ٪ إناث)، كما بلغت نسبة العاملين بعقد قانوني 21.0 ٪(16.4 % ذكـور ، 53.1٪ إناث).
أود أن أؤكد أننى لست ضد القيادات الكبيرة داخل الجهات الحكومية ولكن بعد نجاح تجربة تولى الشباب بعض المناصب القيادية، يجب السماح لهم بصورة أكبر، مع استمرار تلك القيادات لمد هؤلاء الشباب بخبرتهم التي اكتسبوها على مدار سنوات عديدة قضوها في تلك المناصب، مع مواجهة ظاهرة التجديد لبعض القيادات الذين تخطوا سن الستين عاما وقاربوا على سن السبعين بحجة الخبرة، فلا أعتقد أن شخص وصل لسن السبعين قادر على العطاء والعمل بصورة كبيرة كما كان يعمل وهو في سن الشباب ..الخبرة مطلوبة ولكن الشباب أولى أن يستفيدوا من هذا المناخل الجيد حتى يصبحوا في أقل فترة أفضل من قيادات كتير توهمنا فيها الخبرة.