أصبح المواطن البريطانى من أصول باكستانية، صادق خان، شهيرًا جدًا فى الأيام الأخيرة، حتى أنه يكاد ينافس أبطال الأفلام الهندية شاروخان، وسلمان خان، وذلك بعد انتخابه عمدة لمدينة لندن، أكبر العواصم الأوروبية، فيما يعد أول مسلم يتقلد هذا المنصب. وبالطبع سوف نتوقع فى الفترة المقبلة تركيزًا عظيمًا مع شخصه، ولا نستبعد أن نشاهد قريبًا فيلمًا سينمائيًا ضخمًا يتناول حياة الرجل الناجحة، وتجربته فى الوصول عبر الانتخاب لهذا المنصب المهم، وهو ما يذكرنا نوعًا ما بتجربة باراك أوباما فى الوصول إلى رئاسة أمريكا.
لكن الملاحظ أن أكثر المعلومات التى يتبادلها الإعلام تتعلق بماضى الرجل، فهو ابن رجل كان يعمل سائقًا لحافلة، وامرأة كانت تعمل فى مهنة «الخياطة»، وكأن ما حدث له كان مجرد صدفة، أو جاءه بالحظ، لكن فى الحقيقة صادق خان نموذج حقيقى ومكتمل على جملة «من جد وجد»، فعلى الرغم من كونه لا يفوّت أى حوار أو مقابلة أو مقال إلا ويذكر فيها أصوله المتواضعة، وأنه ابن مهاجر باكستانى كان يعمل سائق أتوبيس، فإنه لم يتوقف عند هذه الجملة، فقد بدأ طريقه مبكرًا جدًا وانضم إلى حزب العمال حينما كان عمره 15 عامًا فقط.
ومن الممارسات السياسية التى أهلته لما هو فيه الآن أنه استمر 12 عامًا عضوًا فى المجلس البلدى عن حى «توتينج Tooting»، حيث يعيش هناك، وفى عام 2005 أصبح صادق خان الذى درس القانون عضوًا فى مجلس العموم البريطانى عن حزب العمال، ممثلًا لمنطقة «توتينج»، وكان من بين خمسة نواب ينتمون لأقليات عرقية انتخبوا ذلك العام.
وبعد تولى جودون براون منصب رئاسة الوزراء عام 2007، تولى «خان» منصب مستشار الحكومة فى البرلمان، ثم وزير الدولة لشؤون المجتمعات، وفى عام 2009 تولى منصب وزير النقل والمواصلات، وأصبح أول مسلم ينضم لمجلس الوزراء.
كل ذلك وغيره رشحه لما هو فيه الآن، وفتح الباب أمامه لأكثر من ذلك فى المستقبل، لذا علينا إن أردنا أن نتعلم من تجربة صادق خان أن نقرأها مكتملة، فقد تم اختياره لأنه كفء، لذلك وليس بسبب ظروفه أو نشأته، ولأنه يملك برنامجًا استطاع من خلاله أن يقنع اللندنيين به، فقرروا انتخابه.
جانب آخر مهم علينا أن ندركه تمامًا، هو أن المتوقع من صادق خان، المولود فى بريطانيا بعد فترة قليلة من وصول أبيه المهاجر سنة 1970، أن يكون انتماؤه لوطنه «بريطانيا»، وإسلاميته هى أمر يخصه هو فقط، ولن نجد لها صدى فى مسؤولياته، هو بالنسبة لنا نحن المسلمين نموذج مشرف يمكن الاقتداء به، والاستفادة من تجربته، بدلًا من الشكوى الدائمة والإحساس الدائم بالاضطهاد.