1 - الإعلان الأمريكى عن اتجاه الإمارات وإسرائيل إلى إقامة علاقات دبلوماسية يفهم فى سياق التحديات والفرص، التى تواجه كل فاعل إقليمى بما فى ذلك الإمارات وإسرائيل.
2 - الإمارات دولة لها توجهاتها الفكرية ومصالحها الاستراتيجية، وهى تجد نفسها فى منطقة السائل فيها أكثر من الصلب، والانفجارات الداخلية فى الدول العربية جعلتنا أضعف كثيرا من أن نواجه مشروعات دول الجوار المحيطة بنا، سواء المشروع الإيرانى، أو المشروع التركى، أو المشروع الإسرائيلى، أو المشروع الإثيوبى.
3 - هناك المشروع الإيرانى الذى يستهدف «تدمير» الدول العربية، التى يوجد فيها شيعة موالون لإيران، سواء فى الخليج أو اليمن أو العراق أو سوريا أو لبنان.
ولا ننسى أن إيران تسيطر كليا أو جزئيا على القرار السياسى فى أربع عواصم عربية «بغداد، دمشق، بيروت، صنعاء».
وهذا العدو الإيرانى بمشروعه الإقليمى لن يتراجع، وإنما هو يتزايد، ويتمدد فى ظل يقين إيرانى بأن الدور التاريخى للشيعة الفرس قد حان بعد أن قاد قلب الأمة الإسلامية العرب، ثم الكرد «فى عهد الدولة الأيوبية»، ثم المماليك السلاجقة، ثم الترك «فى ظل الدولة العثمانية»، وأن ما يحول بين الشيعة الفرس وقيامهم بهذا الدول التاريخى هو تحالف الدول المحيطة بإيران «ومن ضمنها الإمارات» مع الشيطان الأكبر المعادى لها، وهو الولايات المتحدة بتحالفاتها الممتدة فى أوروبا وآسيا والشرق الأوسط.
4 - هناك المشروع التركى الذى يستهدف «إزاحة» النخب المدنية الحاكمة، التى تسعى للحفاظ على الدولة الوطنية القائمة واستبدالها بنخب متأسلمة «أو إن شئت فقل إسلاماسية أى من أنصار الإسلام السياسى» تدين بالولاء، وتتحرك فى فلك المركز التركى فى أنقرة.
تركيا تسيطر كليا أو جزئيا على القرار السياسى فى خمس دول عربية «تونس، مقديشيو، جيبوتى، الدوحة، طرابلس»، وكان حلمها أن تسيطر على القرار السياسى فى القاهرة تحت حكم الإخوان، وتسعى تركيا لأن يتمدد تأثيرها إلى كل عاصمة عربية أخرى تعانى من درجة من درجات الفراغ السياسى أو الفوضى المجتمعية.
5 - هناك المشروع الإسرائيلى- الأمريكى الذى يرفض المشروعين السابقين، بل يقف ضدهما من أجل أمن إسرائيل. إسرائيل لا تريد أن ترى إيران مسيطرة كليا على العواصم المحيطة بها، كما أنها لا تريد أن ترى نفسها مهددة من دويلات تتحكم فيها قوى «الإسلاماسى»، وفقا لتوجهات ومصالح أنقرة.
المشروع الإسرائيلى، على الأقل مرحليا، لا يريد أن يتورط فى الشؤون الداخلية للدول المحيطة بإسرائيل، طالما أن هذه الدول لا تسعى لتهديد أمن إسرائيل أو مصالحها الحيوية. القضية الأكبر التى تعوق قبول المشروع الإسرائيلى فى المنطقة العربية هو رفض الدول العربية لأن تظل إسرائيل دولة محتلة لأراضى عربية، سواء فلسطينية أو سورية أو لبنانية.
6 - انتظار علاج مشكلة الأراضى العربية المحتلة من قبل إسرائيل عبر التفاوض الممتد قد يجعل الدول العربية الأخرى ضحية المشروعين الآخرين، التركى والإيرانى.
7 - إذن الدخول فى تحالف موسع ومرحلى مع المشروع الإسرائيلى- الأمريكى سيرفع قدرة دولة الإمارات والدول المتحالفة معها، وتحديدا مصر والسعودية والبحرين والأردن على مواجهة المشروعين التركى والإيرانى النشطين فى تدمير ما بقى من الدول العربية.
8 - إذن، يمكن الادعاء بأن إيران وتركيا قد دفعتا دولة الإمارات وآخرين قادمين إلى التحالف مع المشروع الآخر، باعتباره أقل البدائل ضررا وربما أكثرها منفعة فى ضوء ما هو متاح.
9 - وماذا عن القضية الفلسطينية؟ لا أتصور أن دولة الإمارات بتاريخها فى خدمة القضايا العربية ستتخلى عن القضية الفلسطينية، وإنما ستعمل جاهدة للوصول إلى حل مقبول لها، سواء استمر العرب فى الدفع فى اتجاه حل الدولتين أو ظهرت حلول أخرى تقوم على حل الدولة الواحدة.
10 - المطلوب عربيا ألا نتلاوم أو نتشاكى أو أن يتهم بعضنا البعض بالسلبيات، وإنما تعظيم المكاسب المحتملة من القرار الإماراتى، وتعطيل الخسائر المؤكدة من نجاح المشروعين الإيرانى والتركى.
هذا ما أمكن إيراده، وتيسر إعداده، وقدر الله لى قوله.