المحليات تطارد عربات التين الشوكى وتغمض أعينها عن العقارات المخالفة

تابعت بمنتهى الحزن والأسى، الفيديو الخاص بموظفة جهاز مدينة التجمع الخامس، التى أهانت بائع التين الشوكى، بعدما بعثرت محتويات عربته الخشبية فى الشارع، بطريقة مهينة، استهجنها الجميع بما فيهم الموظفين فى جهاز المدينة أنفسهم، وسائق اللودر، المخصص لرفع الإشغالات، فالطريقة التى تمت مع ذلك البائع، لا تنم عن آدمية أو احترام لإنسانية البشر، وعلى الرغم من أنه قد يكون أخطأ لوجوده فى شارع رئيسى، إلا أنه كان يمكن التوجيه إلى العمل فى منطقة أخرى، أو توفير فرصة لائقة تكفيه عن العمل في الشارع، أو حتى تحرير محضر وتركه للشرطة تتعامل مع الموقف باعتباره جزءا من عملها، إلا أن ما حدث يعيدنا إلى فكرة " الغابة" التى يأكل القوى ضعيفها دون رحمة أو اعتبار. لا يختلف أحد على أن المحليات فى مصر كانت سببا رئيسيا فى الكثير من المشكلات والأزمات بل الكوارث، وساهمت بصورة غير مسبوقة فى انتشار العشوائية، بل إن أحد أبرز أخطائها التى تعالجها الدولة الآن هى مخالفات البناء، فهذه الظاهرة التى تعانى منها كل أحياء مصر، الراقية والشعبية، حتى العشوائيات نتيجة الموظف الفاسد، والمسئول المرتشى والمهندس الذى أغمض عينه حتى صارت العمارة المرخص لها بـ 6 أدوار برجا من 14 طابقا، والأمثلة كثيرة ومتنوعة فى أكثر من محافظة، الأمر الذى يحيلنا إلى ضرورة إعادة ضبط وتنظيم عمل هذه الأحياء بصورة تخدم أهداف التنمية ليكون لها دور فاعل، لا أن تكون مهمتها مطاردة عربات التين الشوكى وباعة الطماطم وأصحاب السوبر ماركت ومحلات الكشرى. الإشغالات تعود على خزينة الأحياء بأموال طائلة وهذا أمر مفهوم، لكنه فى نفس الوقت خطير ويرسخ لمفاهيم سلبية، تخرج بنا عن فكرة القانون وروحه إلى منطق الجبروت وعصا القهر، فلا أتصور أن يدخل موظف الحى لجمع كراسى من داخل محل كشرى تحت دعوى أنها إشغالات أو مخالفات، وهذا ليس افتراء أو مخالفة للحقيقة، فقد رأيت صورا أرسلها أحد رؤساء الأحياء لحملة إزالة إشغالات يتم خلالها سحب الكراسى من داخل أحد المحلات، فى حين أن الإشغال بمفهومة يعنى أن هذه الكراسى موجودة على الأرصفة أو فى حرم الشارع أو تمنع المارة من العبور وتقيد حركة المواصلات، فلا أفهم أبدا ماذا يعنى إزالة إشغالات من داخل محل أو سوبر ماركت؟! وعلى وزارة التنمية المحلية أن تقدم لنا حلا أو حتى ردا لما يجرى. لا أرى أى إنجاز فى أن يرسل رئيس حى خبرا بمصادرة كراسى تخص محل كشرى أو وعربة تين شوكى، تحت زعم الإشغالات، دون أن ينظر إلى حجم العمالة والشباب الذين يعملون فى هذا المكان أو مراعاة الظروف التى مرت بها البلد خلال الـ 6 أشهر الماضية، تعرضت فيها هذه المحال لخسائر فادحة، إلا أن المسئولين فى الحى لا يعرفون سوى سياسة الهجوم والمباغتة والتحرك تحت غطاء القانون لضرب الناس فى أرزاقهم. ظاهرة الباعة الجائلين والإشغالات موجودة فى كل دول العالم، وقد حالفنى الحظ بزيارة باريس في عام 2016، وبالصدفة أثناء النزول إلى محطة مترو في منطقة " لا ديفونس" بالعاصمة، وجدت باعة يفترشون المنطقة المجاورة للمحطة ويبيعون خضروات وفاكهة، دون أن يطاردهم أحد أو يصادر ما لديهم!! ما أقوله ليس دعوة لترك الإشغالات أو العدوان على الشارع وحق المواطن، بل لإعمال روح القانون، وحسن التعامل مع الناس، والتمييز بين القوة والبطش، والهيبة والجور، وعلينا أن نتذكر دائما أن كل فضيلة محاطة بالرذائل، ونحن من نختار الطريق ونتحمل عواقبه.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;