يستسلم البعض في لحظة ضعف لشيطانه الأشر، ليجد نفسه خلف الأسوار، لتبدأ بعدها مرحلة الندم على ما ارتكب في حق نفسه والمجتمع من أخطاء.
المجرم يقضي عقوبته خلف أسوار السجون، لتكون رادعاً ـ له ولغيره ـ حتى لا يكرر هذا الخطأ، ولا يفكر في الجريمة مرة أخرى، لكن من الأهمية بمكان تأهيل هذا السجين، ليكون قادراً بعد انتهاء العقوبة على العودة للاندماج مرة أخرى في المجتمع، وهذا ما يحدث داخل السجون.
بطبيعة عملي محرراً للشئون الأمنية، زُرت عدداً من السجون على مدار السنوات الماضية، وثقت خلالها عملية التطوير المستمرة التي تشهدها السجون، وحرص القائمين عليها على الاهتمام بالسجين وتأهيله.
اذا كان المتهم اخطأ في حق نفسه ومجتمعه، فإنه يقضي العقوبة المساوية لهذا الجرم، ومن ثم يصبح تأهيله أمراً ضرورياً لإعادة دمجه في المجتمع مرة أخرى، حيث يحرص قطاع السجون على تأهيل السجناء نفسياً من خلال مختصين، وتقويم سلوكهم، ليصبح السجين عند انتهاء فترة عقوبته قادراً على العودة للمجتمع والتأقلم معه بسهولة، وهو أمر في غاية الأهمية، حتى نضمن صناعة أشخاص أسوياء، لا يعودون للجريمة مرة أخرى ولا يجنحون للعنف أبداً.
الداخلية، وهي تنفذ هذا الأمر باحترافية شديدة، تعمل أيضاً على مراعاة البعد النفسي للسجين، فتتكفل بأسرته خارج أسوار السجن، من خلال ما يعرف باسم "شرطة الرعاية اللاحقة"، التي ترعى أسر السجناء، وتقدم لهم المساعدات المادية باستمرار، وتجهز العرائس وتمدهم بالأجهزة الكهربائية بالتنسيق مع الجمعيات الخيرية.
الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، وإنما بمجرد خروج السجين من خلف الأسوار، تتلقفه أيادي شرطة الرعاية اللاحقة، حيث يتم التواصل معه ودعمه، من خلال مشروعات صغيرة، خاصة أن بعضهم يعانون من عدم وجود فرصة عمل، لا سيما أن البعض ينظر لهم على أنهم "رد سجون"، ومن ثم تحرص شرطة الرعاية اللاحقة على دعمهم بالمشروعات الصغيرة، حتى يكون أشخاص نافعين لأنفسهم ومجتمعهم، لا يجنحون للجريمة، وإنما يسلكون مسارات العمل والإنتاج.