لا أحد يختلف على أن كوبرى ستانلى فى الإسكندرية يعد أحد أهم معالم عروس البحر الأبيض المتوسط، وقد احتل بتصميمه الأنيق على الطراز الإيطالى مكانة خاصة لدى أهالى الإسكندرية، وكل زوار هذه المحافظة، التى يقصدها المصريون من كل حدب وصوب يلتمسون الهواء العليل ومشهد البحر الحالم عند كل شروق أو غروب، ويلتقطون صورا ويصنعون ذكريات وحكايات تعيش أبد الدهر،ليظل كوبرى ستانلى شاهد على إبداع العمارة المصرية، التى تجمع بين بساطة التصميم وعبقرية المشهد فى هذه المدينة الساحرة.
فى كل مكان بالعالم تعتبر الحكومات الكبارى والمنشآت المقامة على شواطئ البحار أو الأنهار شواهد حضارية وتاريخية، يجب الاهتمام بها وإضاءتها بطريقة جذابة وتجميلها ووضعها ضمن برامج الزيارات والخرائط السياحية، وقد كنت فى زيارة عام 2015 للعاصمة المجرية بودابيست، التى لديها مجموعة كبيرة من الكبارى الهامة على نهر الدانوب، تربط شمال المدينة بجنوبها، وتعتبرها الحكومة هناك معالم سياحية مميزة، وتنظم لها رحلات وبرامج ترفيهية، انطلاقا من أهميتها وطابعها الجمالى الخاص، إلا أن هذا المفهوم مازال غائبا عن محافظة الإسكندرية التى أغلقت كوبرى ستانلى أمام المشاة منذ فترة طويلة، تحت دعوى مواجهة انتشار كورونا، ولم يتم تخفيف الإجراءات بصورة تعيد إلى هذه المدينة السياحية رونقها، وتخفف من الضغوط الكبيرة على أصحاب المهن الحرة، التى كانت تعتمد بصورة أساسية على زوار هذا الكوبرى يوميا، وقد تضرر هؤلاء بشكل غير مسبوق ولم يلتفت إليهم أحد.
لا أعرف لماذا تظن محافظة الإسكندرية أن فتح كوبرى ستانلى أمام المشاة والمارة سيكون سببا فى انتشار كورونا، على الرغم من أن الحياة عادت لطبيعتها وقد تقلصت إصابات الفيروس المستجد بصورة غير مسبوقة، وتقترب مصر من مستوى صفر إصابات، بما يؤكد ضرورة استعادة الحياة لطبيعتها مرة أخرى، حتى يتمكن كل من تضرروا تعويض جزء من خسائرهم خلال الفترة الماضية، بعدما فقد الآلاف وظائفهم وضاعت مدخراتهم على مدار الأشهر الـ 6 الماضية.
لا يمكن أن يتم التعامل مع محافظة بحجم الإسكندرية بمنطق الغلق وبناء الأسوار وتعطيل الطرق، وتقييد حركة المارة، فهذه المحافظة لها خصوصية ثقافية وحضارية تستوجب إجراء حوار مجتمعى جاد حول كل ما يخص سكانها، وحتى ينجح أى عمل إدارى أو فنى فى هذه المحافظة يجب أن يتم إشراك المواطنين وجعلهم جزء رئيسى من الحل وإقامة حالة حوار هادفة، يمكن من خلالها الوصول إلى نتائج جادة قابلة للتطبيق.
أتمنى أن تجد هذه الكلمات أذن صاغية من مجلس الوزراء، ووزارة التنمية المحلية، ووزارة السياحة، وكذلك محافظ الإسكندرية، فقد وردتنى العديد من الشكاوى المتعلقة بغلق كوبرى ستانلى أمام المشاة، وتعطيله بين الحين والآخر للسيارات، لذلك علينا تحقيق المرونة اللازمة فى حل هذه القضية، وإعادة دراسة وتقييم الأمر بما يضمن استعادة حركة المواطنين على كوبرى ستانلى مرة أخرى، بالإضافة إلى ضمان حركة سير السيارات عليه بصورة منتظمة باعتباره أحد أهم المحاور المرورية التي تحقق سيولة الحركة على كورنيش الإسكندرية فى منطقة ستانلى بحى شرق الإسكندرية.