بعد تكرار تورط الإعلام الغربى والصحف والفضائيات الأمريكية والدولية فى نشر خبر وفاة كيم جونج أون زعيم كوريا الشمالية، ربما يفترض أن يطرح الأمر أسئلة عن مدى صحة الكثير من المعلومات والتقارير التى تنشر حول ما يجرى داخل بيونج يانج، وهل يمكن تصديق حكايات عن أن كيم جونج يعدم مسئوليه بوضعهم على الصواريخ العابرة للقارات، أو أنه أطلق كلابا تلتهم عمه ومنافسه، أو أنه يتم إعدام من يصاب بفيروس كورونا، بالطبع فإن الحكم فى بيونج يانج تسلطى وقاس ،وأن الدولة مغلقة بشكل تام، وهذا هو السبب فى اتساع خيال مؤلفى الأخبار فى الإعلام الغربي، ليخترعوا حكايات فكاهية تفتقد للعقل، وتضفى جوا أسطوريا على توحش وسلوك رئيس كوريا الشمالية.
مؤخرا وبعد يومين من نشر أخبار عن وفاة كيم جونج، ظهر بكامل لياقته ليكذب الشائعات، وفى مايو الماضى استمر الهبد التكرارى حول رحيل كيم أسبوعين تم خلالهما اختراع تقارير تؤكد وفاة جونج أون ظهر، ليسبب صدمة لإعلام أمريكى أفرط فى اختراع ونشر قصص وهمية عن وفاته وهى أدوات ليست من صحف الفضائح، لكنها سى إن إن، ورويتر وواشنطن تايمز ونيويورك تايمز وقنوات وصحف أوروبية.
المفارقة المضحكة أنه بالتزامن مع ظهور جونج أون نشرت صحيفة نيويورك بوست الأمريكية أن كيم كان متحصنًا فى مخبأه الفاخر المطل على البحر فى مدينة ونسان الساحلية، مع 2000 من النساء، وأفرطت الصحيفة فى وصف ما سمته نساء المتعة، ومن دون أى دليل أو مصدر كالعادة، فى محاولة لغسل أيديها من فضيحة مهنية وأخبار مفبركة، أفقدتها الكثير من المصداقية .
سبق للإعلام الأمريكى أن شيطن خصوم أمريكا بدءا من سلفادور الليندى فى شيلى قبل انقلاب واشنطن عسكريا عليه، إلى زعماء فيتنام ومنهم هوشى منه، وصولا إلى صدام حسين الذى تم اختراع أدلة على امتلاكه لأسلحة دمار شامل اتضح أنها قصص مفبركة واعترف وزير الخارجية الأسبق كولن باول فى مذكراته بأنها مفبركة، وأنه يشعر بالعار كلما تذكر كلامه أمام مجلس الأمن، وكان خبر مرض ورحيل زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون قبل عودته من الموت للمرة الثالبثة أو الرابعة، مثالا للإلحاح التكرارى لتمرير الكذب.
الإعلام الأمريكى، نجح فى بناء صورة للرجل لا علاقة لها بالواقع، وباعتراف الإعلام أيام شهر العسل بين بيونج يانج وواشنطن كثيرا ما فبركوا معلومات عن جونج أون، نفس الإعلام الذى امتدح حكمة جونج أون عندما وافق على التقارب مع كوريا الجنوبية ولقاء ترامب استعدادا لتخفيف أسلحته النووية، وبعد أن فشلت المفاوضات، وقالت أمريكا إنها لم تلمس حسن النية لدى جونج أون ردت بيونج يانج بالقول إن أمريكا وحلفاءها يريدون تجريد كوريا الشمالية من أسلحتها من دون مقابل، ومن هنا عادت التقارير المفبركة والشائعات عن صحته وطريقة حكمه، وهو ما يمثل كشفا عما يمكن أن تفعله العولمة فى تفنيد الأساطير التى يبنى عليها الإعلام صورته كنوع من الإعلام الصادق الدقيق بينما يمارس حربا دعائية بأخبار مزيفة عن علاقات ونساء وسلوكيات، تجاه من يمثل خصما أو عدوا، وهى أحكام تطلق من دون وقائع أو حقائق، ومع التكرار تتكون تصورات ربما لا تكون أغلبها صحيحة، وبالفعل إذا كان خبر وفاة كيم جونج نشر عشرات المرات وفى كبريات الصحف والفضائيات والوكالات، واتضح أنه كاذب، فهل يمكن تصديق آلاف القصص عن حكم كيم جونج، أو نظام بيونج يانج؟