مازال هوس البحث عن كنوز الأجداد أسفل الأرض يراود بعض العقول، حيث يحلم البعض بتحقيق الثراء السريع جراء التنقيب عن الآثار أسفل الأرض، لكن سرعان ما تتبخر هذه الأحلام وتتحطم على صخرة يقظة الشرطة.
من منا لم يستقبل على هاتفه المحمول الرسالة الشهيرة: "انزل البلد أبوك لقى كنز"، في محاولات للنصب على المواطنين وبيع الوهم لهم، وسرعان ما يتساقط هؤلاء وغيرهم في قبضة الأمن، وتتحول أحلامهم بتحقيق الثراء السريع لكابوس يلازمهم خلف أسوار السجون.
ما أقوله لك هنا، ليس حديثاً إنشائياً، وإنما هي وقائع حقيقية تسطرها محاضر الشرطة يوماً تلو الآخر، والتي تبذل جهوداً خرافية في الحفاظ على تاريخ البلاد، وحماية كنوز الأجداد من السرقة والتهريب، فبلغة الأرقام، نجحت شرطة السياحة والآثار ـ خلال أسبوع فقط ـ في ضبط 3364 قضية ومخالفة متنوعة، أبرزها "حيازة آثار- حفر وتنقيب عن الآثار"، وهذه الأرقام المرتفعة تنم على زيادة ثقافة الطمع لدى البعض، ورغبتها في تكوين الثروات السريعة، حتى وإن كانت على حساب سرقة التاريخ.
الوقائع هنا متعددة، لو كلفنا القلم بسردها لتعب ومل من كثرتها، لكن أذكر بواحدة منها، جرت تفاصيلها في محافظة أسوان، راح ضحيتها 3 أفراد حاولوا التنقيب عن الآثار ولكن تهدمت الحفرة التى حفروها عليهم، وبعد عملية بحث استمرت لمدة 30 يومًا تمكنت الجهات الأمنية من استخراج جثثهم المتحللة.
للأسف، المحافظات الأثرية الأكثر استهدافاً من قبل الطامحين في تحقيق الثراء السريع، الذين يحفرون في باطن الأرض بحثاً عن الكنوز، حيث يقف الدجالين والمشعوذين وراء معظم هذه الجرائم، التي تنتهي بواحد من أمرين، إما وفاة المنقب عن الآثار أسفل الأرض بعدما تنهار الأتربة عليه، أو القبض عليه، وفي كلتا الحالتين تكون العواقب وخيمة، لا سيما أن العقوبات القانونية تبدأ من سجن 5 سنين وتنتهى بالسجن 7 سنوات بالإضافة إلى غرامة حوالى 300 ألف جنيه.
الأمر لا يحتاج لقوانين جديدة ومزيد من التشريعات، بقدر حاجته لضمير، ضمير المواطن الذي يدفعه للهلاك والسرقة، ونهب تاريخ بلد ووطن، فما أحوجنا لنفس لوامة، تمنع الشخص من سرقة حضارة بلده.