قبل 25 يناير 2011 كانت أصوات المعارضة والنخب، تصرخ مطالبة الحكومات المتعاقبة حينها، ضرورة محاسبة الحيتان التى التهمت أراضى الدولة، واستولت على آلاف الأفدنة، دون وجه حق، كما ردموا النيل، وأقامت الفيلات والقصور، والمبانى المخالفة، ويتساءلون عن سر الصمت وغض الطرف عن هذه المخالفات.
كما كان القطاع الأكبر من المصريين، يتهامسون عما ترتكبه مافيا حيتان الاستيلاء على أراضى الدولة، وتشييد المبانى المخالفة، والتى تفتقد لكل المعايير الفنية، طمعا فى بيع وحداتها السكنية بأرقام فلكية، وتحويل الجراجات لمحلات تجارية، فانهارت مئات المبانى فوق رؤوس الأبرياء، وصارت العقارات المخالفة بمثابة قنابل موقوتة، تحصد أرواح الأبرياء.
وبعد 25 يناير 2011، وغياب الدولة، استغل أصحاب الضمائر الخربة هذا الغياب، وارتكبوا أكبر وأخطر مجزرة للأراضى الزراعية، بالبناء المخالف، كما حولوا بعض المناطق فى كل المحافظات لعشوائيات، صارت أوراما خبيثة فى جسد الوطن دون أى وازع من دين أو أخلاق، وفى تجاوز لكل القوانين والأعراف.
واستفحل الأمر خطورة، وفقدت مصر ألاف الأفدنة من أجواد الأراضى الزراعية والتى تعد ثروة قومية كبرى، وبدأ اللون "الأخضر" يتراجع، ويحل محله لون "قوالب الطوب" الأحمر والخرسانة الأسمنتية، فى منظر يدمى القلوب، ووسط صرخات خبراء "القلوووظ" الذين هاجموا الدولة وغياب دورها.
وبعد أن عادت الدولة قوتها وعنفوانها، قررت وضع حد لهذه المهزلة، فلا يمكن السكوت، من باب القيم الأخلاقية والانسانية، وأيضا اقتصاديا، بأن يظل مافيا حيتان الاستيلاء على أراضى الدولة دون وجه حق، وتشييد مبانى مخالفة لتنفيض جيوب البسطاء، من ناحية، وتهديد أرواحهم من ناحية ثانية، ولمصلحة الاجيال القادمة، كان يجب الوقوف بحسم أمام هذه الجرائم الخطيرة والمشينة.
لذلك تبنت الحكومة الحالية، إعلاء المصلحة العامة، من خلال استرداد أراضى الدولة، التى سُلبت دون وجه حق، وازالة المبانى المخالفة، تأسيسا لإرساء دولة العدل والقانون.
لذلك يجب على كل مواطن بسيط أن يدرك أهمية إزالة المبانى المخالفة، واسترداد الأراضى المسلوبة، لأنها تصب فى مصلحته ومصلحة أبنائه واحفاده، بالدرجة الأولى، وأن الدولة وضع حد لمافيا حيتان الاستيلاء على أراضى الدولة، واقامة المبانى المخالفة، وأيضا وهو الأهم، انقاذ ثروة مصر الرئيسية، المتمثلة فى الأراضى الزراعية، من براثن "الطوب الأحمر" و"الخرسانة الاسمنتية".