صورة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك، وتويتر"، لعقار مكون من نحو ثمانية طوابق يعلوه مأذنة يبلغ طولها حوالى 6 أمتار واختار رواد مواقع التواصل الاجتماعى عبارة "الشنطة فيها كتاب دين" عنوانا للصورة.
الصورة وعنوانها ذكرتنى بالمرحلة الابتدائية والإعدادية حينما كنا أطفالا ونتشاجر معا فيلقى أحدنا الشنطة المدرسية الخاصة بزميله أرضا وبينما يهم الضحية للثأر لشنطته يصرخ الآخر مرددا عبارة "حاسب الشنطة فيها كتاب دين" ليحرك لديه عاطفة الدين ويمنعه من إلقاء شنطته على الأرض .. لأننا حقا "شعب متدين بطبعه".
هذا بالضبط ما يفعله عدد من مغتصبى أراضى وأملاك الدولة والمعتدين على الأراضى الزراعية فيبادرون ببناء البدروم وتحويله لزاوية صغيرة ويضعون أمامها مأذنة صغيرة ثم يبدأ فى استكمال العقار، ويضع المسئولين أمام الأمر الواقع فإذا ما هم أحدهم بهدم العقار تقوم الدنيا ولم تقعد ويحشد أهالى المنطقة والصراخ فى وجه المسئولين "عايزين تهدوا بيت ربنا؟!".
كذلك الأمر ما يفعله البعض من بناء مساجد على حرم الطريق العام وأملاك الدولة والأراضى الزراعية، تمهيدا لاتخاذها ستارا للاستيلاء على الأراضى المحيطة بالمسجد وبناء عقارات شاهقة يجنون، وإذا ما بادرت الدولة وأرادت إزالة المسجد المبنى على أملاكها أو المعتدى على أرض زراعية تخرج فورا أسطورة "الشنطة فيها كتاب دين" ويبدأ سيل اتهامات للدولة بمحاربة الدين.
لست أدرى أى دين هذا الذى يبيح اغتصاب المال العام واغتصاب حق شعب بأكمله، قطعا ليس هناك أى دين يبيح ذلك، فكل الأديان تحرم ذلك، وهو ما أكدته دار الإفتاء المصرية فى فتوى لها بقولها: "إن بِناءَ مسجدٍ على أرضٍ زراعيةٍ بالتحايل على القانون أو بمخالفته أمرٌ غيرُ جائزٍ شرعًا، والحرمة أشد لو كان ذلك ذريعةً لاستِباحة ما حوله من الأراضى الزراعية المحظور البناء عليها ببنائها، وليس لله تعالى حاجة في بناء بيتٍ يضر مصالح عباده واقتصادهم ولا يقصد به وجهه"