أثناء المعارك الطاحنة للحرب العالمية الثانية، والطيران الألماني يدك لندن بالقنابل، ولا صوت هناك يعلو فوف صوت المعركة، لم تتوقف مسيرة القضاء البريطاني. فى تلك الأثناء تقضى إحدى المحاكم الإنجليزية بنقل إحدى المطارات الحربية المجاورة لإحدى المدارس، ويبلغ وزير الداخلية آنذاك الزعيم الإنجليزي ونستون تشرشل رئيس الوزراء الذى كان يقود بريطانيا في الحرب بما قررته المحكمة.. المفاجأة أن تشرشل طلب بضرورة الالتزام بحكم القضاء ونقل المطار وردد مقولته الشهيرة «لأن تهزم بريطانيا فى الحرب، خير من أن يقال إنها لا تنفذ أحكام القضاء».. وإذا انتصر القضاء فسوف تنتصر بريطانيا. فالقضاء العادل أساس الملك. وبالفعل انتصرت بريطانيا في الحرب.
وطالما كان القضاء في دولة ما بخير فتلك الدولة بالتأكيد في خير.. وخلال الأيام الماضية أثبت القضاء المصرى أن مصر بخير وعافية، والقانون ينتصر فيه ولا أحد يعلو فوق القانون، بل أن القانون هو الذي يعلو فوق الجميع في دولة المؤسسات والقانون.
أربعة عناوين كبرى كانت هي تجسيد حقيقى لدولة القانون في مصر واستقبلها الرأي العام بارتياح وثقة في أن الجميع سواسية أمام القانون والعدالة العمياء تحكم دون تفرقة بين الكبير والصغير.. الوزير والغفير.. ابن الغنى وابن الفقير.. الكل واحد أمام القضاء طالما اقترف خطأ أو جريمة.. فالعدل هو الأساس للحكم في أي دولة ومصدر الأمن والأمان والاطمئنان لدى الشعب بكل طوائفه وشرائحه الاجتماعية.. وبالتالي تنتصر الدولة في كافة معاركها الداخلية والخارجية في حالة انتصار القانون.
أربعة عناوين أثبت أن دولة 30 يونيو بقيادة الرئيس السيسى تتخذ من عدالة القانون شعارا وواقعا في مواجهه الخروج عن النظام والقانون والاستهتار به.. شعارا وواقعا لمواجهة فساد تجذر في المجتمع ويحتاج الى حسم وحزم بقوة القانون وظن البعض انه القانون لا أحد يقدر عليه. الأول هو مواجهة فوضى البناء والاعتداء على الأراضى الزراعية والثانى خاص برجل أعمال خالف قوانين البناء وتهرب من سداد الضرائب والثالث بالحفاظ على كرامة المواطن مهما كانت شخصية المعتدى.. فقد آن الأوان أن تنتهى النغمة التاريخية البائسة كل ما تحدثت مع أحد سواء في لجنة مرورية أو قسم شرطة أو محكمة " انت ما تعرف انا مين " أو "أنا ابن مين" وانا فلان أو فلانة" .
والرابع خاص بموقعة الاغتصاب الشهيرة لأبناء رجال أعمال ومشاهير . والرئيس أعلنها صراحة مع بداية حكمه بل قال علانية لا حصانة لأقاربه أو كل من يدعى قرابته والانتساب له وليس معنى بتسديد فواتير لأحد. والآن ومع هذه العناوين الكبرى للقضاء المصرى وما هو قادم أيضا.. علينا أن نطمأن ونثق في رئيس يقود معركة شاملة لبناء دولة حقيقية أساسها العدل على كافة المستويات.