البعد الإنسانى هو «الفريضة الغائبة» فى دور الإعلام
على مدى يومين متتالين فى الأسبوع الماضى كان أكثر من 2000 إعلامى من مختلف الدول العربية وعدد من الدول الأجنبية يناقشون فى دبى قضية مهمة للغاية يأتى طرحها فى ظل مأزق وتحدٍ يواجه الإعلام العربى والإعلام المصرى على وجه الخصوص فى السنوات الخمسة الأخيرة.
شعار منتدى الإعلام العربى فى دورته الخامسة عشرة أثار اندهاش الكثيريين، وربما كان مصدر استغرابهم، فهل هذا وقت مناقشة «الإعلام والأبعاد الإنسانية» شعار المنتدى، وسط تموجات سياسية وقلاقل أمنية وتخوفات على مصير المنطقة العربية، بسبب ما يجرى فى العراق وسوريا واليمن وليبيا وانتشار تيارات العنف الدينى، وماذا يقصد المنظمون للمنتدى بالشعار الحالى.
الواقع أنه وبعد انطلاق الجلسات والندوات أيقن الجميع أن البعد الإنسانى هو «الفريضة الغائبة» فى دور الإعلام العربى وحتى الإعلام الغربى، وأن كثيرا من الأزمات داخل الدول العربية تسبب فيها الإعلام التقليدى والإعلام الجديد المتمثل فى مواقع التواصل الاجتماعى بإثارة قضايا خلافية ومفاهيم خاطئة وبث الشائعات وتناول قضايا أخلاقية تتنافى مع قيم وعادات وتقاليد المجتمعات العربية.
الشعار كان رسالة تحذيرية أيضا بأن الإعلام العربى فى مجمله منشغل عن القضايا الإنسانية بأمور أخرى، سواء بقصد وتعمد أو بحسن نوايا القائمين عليه، تحت الضغوط السياسية وعدم الاستقرار الأمنى فى أكثر من دولة عربية، وبالتالى فالإعلام بعيد عن دوره الأصيل والأساسى فى خدمة قضايا المجتمع، فدقة المعلومات وتصحيح الأفكار المغلوطة وطرح مختلف القضايا بطريقة موضوعية يدخل فى صلب الدور الإنسانى للإعلام، وكثير من العاملين فى بلاط صاحبة الجلالة يرون أن المهنية بشكلها الصحيح هى فى المقام الأول ذات بعد انسانى.
عدد من الإعلاميين الأجانب فى صحف متنوعة اعترفوا خلال الجلسات أن هناك دورا سلبيا من بعض وسائل الإعلام الغربية فى نقل الحقائق وإزالة المفاهيم الخاطئة، وتعزيز فرص التعاون بين الثقافات المختلفة، ومد الجسور واحترام الهويات الثقافية الحضارية المتنوعة وغاب عنها البعد الانسانى والمهنية.
مواقع التواصل الاجتماعى مثل الفيس بوك وتويتر كان لها نصيب أيضا فى مناقشات المنتدى وحازت على هجوم وانتقاد كبير من المشاركين بسبب التأثير السلبى على المجتمعات، خاصة العربية، من خلال بث معلومات غير صحيحة ومتحيزة ونشر شائعات تحض على الفتنة والانقسام وتأجيج مشاعر العنف والكراهية بين أفراد المجتمع.
من هنا وبصورة غير مباشرة كانت رسالة منتدى الإعلام العربى بدبى عبارة عن دعوة صريحة لعودة الإعلام إلى دوره الأساسى الإنسانى والتركيز على الجوانب الإيجابية، وإبرازها لخلق حالة من التوازن، فى ظل كثرة الأخبار التى تبعث على الحزن والاكتئاب.
وليس معنى ذلك تجاهل الواقع الذى نعيشه ونقل الحقائق على الأرض دون تفريط فى حق القارئ فى المعرفة ودون تفريط، لكن أيضا وفى الوقت نفسه دون إفراط فى التعاطى مع الأخبار السلبية، الإعلام مطالب بإلقاء الضوء على الأمور الإيجابية، وعلى القصص المؤثرة الملهمة لأفراد المجتمع وخاصة الشباب.
وبعيدا عن شعار المنتدى فقد جاء التنظيم على أفضل ما يكون وبصورة مختلفة تماما عن الأعوام الماضية وبتصميم وديكورات إنسانية بديعة ولمسات جمالية رائعة طغى عليها اللون الأخضر الزاهى يتناسب مع انسيابية المكان وبساطته، وهو ما أثار إعجاب الحضور.
كل الشكر لفريق عمل نادى دبى للصحافة والمجهود الضخم فى الإعداد والتنظيم وحسن الاستقبال، وعلى رأسه الرائعة منى المرى والعزيزة منى أبوسمرة.
منتدى دبى أصبح المنصة الإعلامية الأبرز فى العالم العربى وتحول إلى ساحة مفتوحة، لمناقشة قضايا وتحديات ومستقبل الإعلام العربى طوال 15 عاما، وهى عمر المنتدى منذ انطلاقه عام 2001.