كيف نفسر ما حدث فى قطار المنصورة- القاهرة، وما بدر من سلوك معيب من الكمسارى ورئيس القطار وسلبية الركاب، ورد الفعل من أحد أفراد قواتنا المسلحة والتصرف النبيل من الأم المصرية الحاجة صفية.
هل ننظر إلى طريقة تعامل الكمسارى ورئيس القطار والتلفظ بكلمات لا تليق بمسئول فى هيئة حكومية عريقة هو سلوك استثنائى لا يعبر باقى العاملين فى هيئة السكك الحديد المصرية، وهم كثر، ويقدر عددهم بما يقرب من 9 آلاف موظف.. أم انه سلوك متكرر من السادة الكمسارية ورؤساء القطارات مع الركاب فى مثل هذه المواقف المشابهة.
لا يمكن تجاهل ما يقوم به الوزير الهمام المهندس كامل الوزير بدعم من الدولة لتحديث وتطوير واحد من أقدم مرافق مصر الخدمية فى الجرارات والعربات والمحطات وهو ما يلمسه حوالى 1.5 مليون راكب يستخدمون السكك الحديدية كوسيلة انتقال حيوية.
يتبقى بصراحة الاهتمام بالعنصر البشرى العامل فى الهيئة ..لأن هناك مواقف كثيرة مشابهه تحدث بشكل يومى داخل عربات السكك الحديدية من تصرفات بعيدة عن روح القانون ولاتتناب مع ثورة التحديث والتطوير بالمرفق لكن تمر دون أن تنال الاهتمام الاعلامى ..بعض المواقف التى تعنت فيها بعض الكمسارية والتعامل بصلف وعنف فى ضرورة دفع ثمن التذكرة أدت الى حوادث بشعة.
التطوير والتحديث ينبغى أن يشمل تدريب وتأهيل كافة العاملين بالهيئة نفسيا وسلوكيا فى التعامل الانسانى مع ملايين الركاب بمختلف مستوياتهم الاجتماعية والاقتصادية، وأن يعلو شعار "الرحمة وروح القانون" فوق أى اعتبار.. وأظن ان هذا ما أعلن عنه وزير النقل فى اجتماعه الطارى بقيادات الهيئة عقب حادثة "سيدة القطار"
المحزن بالفعل أن بعض المسئولين كبارا وصغارا داخل العديد من مؤسساتنا وهيئاتنا الحكومية وليس داخل هيئة السكك الحديد وحدها قد اصابتهم فوق مقاعدهم الشيخوخة الانسانية وهؤلاء يجب استبعادهم على الفور من التعامل مع جمهور المتعاملين وبخاصة البسطاء منهم.
نأتى إلى رد فعل الجندى البطل – واحد من ولادنا الفلاحين الطيبين- الذى كان نموذجا فعليا للانضباط والالتزام فى مظهره كاحد ابناء المؤسسة العسكرية لوطنية.. أيقونة الانضباط فى المجتمع التى تربينا بداخلها فى فترة من الفترات على عزة وضبط النفس والظهور بمظهر يليق بها خلال الاجازات والانتقال عبر وسائل المواصلات وفى الشارع وفى حسن الحديث مع الناس.. ودائما ما كانت التعليمات تصدر بالاهتمام "بملابس الخروج" والتحلى بالأخلاق والابتعاد عن أية مشاكل كجندى يمثل المؤسسة العسكرية.. وهذا المجند يستحق التحية والتكريم. وهنا نشيد بقرار وزير النقل بإعفاء المجندين من رسوم الانتقال فى المواصلات العامة حفاظا على كرامة أبنائنا فى الجيش والشرطة، مع التنويه ان المؤسسات العسكرية تقوم بدفع حصتها السنوية.
ما يحزن فى المشهد هو سلبية الركاب من الرجال ومحاولة التحامل على المجند دون تهدئة الوضع واستيعاب الموقف سواء بالكلمة أو بالفعل والتطوع بثمن التذكرة فى هدوء.
لكن يبدو أن السيدة المصرية مازالت قادرة على ابهارنا وادهاشنا بمواقفها الانسانية النبيلة ومواقفها الوطنية كأم واخت وزوجة وقادرة على تصدير الاحساس بالعجز والخزى لدى بعض الرجال –و ربما الكثير- فهى دائما بطلة المشهد والتى تمنح الجميع شعورا بالأمان والطمأنينة على هذا الوطن لأنها " الوتد" الضارب فى أعماق الأرض الطيبة والذى مازال يحمى خيمة المجتمع الاخلاقية من التدنى والانهيار.. الحاجة صفية ابو العزم نموذج أصيل للمرآة المصرية الشجاعة صاحبة المروءة والنخوة والشهامة والتى تصرفت بما أملته عليها الأخلاق الطيبة والعادات والتقاليد المصرية الاصيلة.. نموذج طبيعى للسيدة المصرية وليس استثنائى.. والرهان عليها فى أية مواقف لا يخيب الظن فيها ابدا.