فى يناير المنصرم وتحديدا فى يوم 9، لم يتوقع أحد ما نعيشه اليوم، وكيف لنا أن نتوقع ما سوف يحدث؟
فقد خلقنا الله وحجب عن أعيننا الغيب "الحمد لله" أعتقد أن الله رحمنا من أن نرى مستقبلنا، ومن الحكم التى تعلمتها من التدبير الإلهى هى ألاّ أثق فى أحد بنسبة مائة فى المائة ، لأننا ببساطة نحن البشر نتغير وتتبدل مواقفنا وآراؤنا بل منّا من يغير عقيدته ودينه، لا خلاف على هذا مادمنا كلنا هذا الإنسان، لكن وضعت الأنظمة الإجتماعية والسياسية لتحمى حقوق الإنسان من الإنسان، فمثلا إن لم تكن فى حياتنا تلك الأنظمة كان من السهل أن يبيع أحد قطعة أرض ويستلم الآخر أمواله من المشترى ثم ينكر عليه البيعة بحجة أن موقفه تغير، أو يتخذ رجل مسؤول قرارا مصيريا ثم يغير رأيه فجأة بحجة أنه تتبدل آراؤه وهو مصاب بشكل مرضى بتبديل مواقفه لا إراديا، والأمثلة فى هذا الموضوع لا تنتهى .
فى هذا اليوم من شهر يناير الماضى ، قال الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال احتفالية يوم الشباب المصرى فى دار الأوبرا وإطلاق الموقع الإلكتروني لمشروع بنك المعرفة "قررت أن يكون عام 2016، عاما للشباب المصرى، تقديرًا لشبابنا المثقف والرائع، وتابع الرئيس قائلا :إن عمالنا فى المصانع والمزارع يزرعون لنا سنابل الأمل، مضيفا أن الحديث عن الأمل واقترانه بالشباب ليست كلمات بلاغية، وإنما محاولة لإعادة الأمور إلى نصابها، ولدفع الأمة إلى التقدم والرقي".
هذا التصريح تسابقت المواقع والصحف لنشره وتوثيقه، واعتبره الشباب نقطة انطلاق حقيقية لأحلامهم وأمنياتهم التى لا حدود لها ولا يمنعها مانع، وتعمق داخلهم أفكار التغيير والحرية إلى أعمق ما يفهمه أى مسؤول يحاكم الحلم والخيال بقانون القمع والإعتقال ، ويعتبر أمنيات التغيير للأفضل خيانة للوطن، متناسيا عن عمد أن هؤلاء الشباب بثقافتهم وإبداعهم وعنفوانهم وتعصبهم وبقلبهم الأبيض ، وتسرعهم وعشقهم وجهلهم وبشحمهم ودمهم هم من علموا العالم فى العصر الحديث معنى الحرية وصناعة الثورات السلمية ، وهم من خلعوا مبارك الفاسد وتصدوا لمرسى الخائن هو وجماعته الإرهابية، فكيف بعد كل هذا يضع النظام يده على أفواههم وأعينهم ويقيد خيالهم وهم فى الأساس سبب أصيل فى وجود النظام نفسه، ولولاهم ماكان أحد يجلس على كرسيه الآن، أليست حقيقة؟.
لا مجال هنا أن نُذّكر أنفسنا بمواد الدستور التى تكفل حرية الرأى والتعبير لأنها ببساطة لا يُعمل بها على أرض الواقع بل بالعكس تماما، لا تتوقف الملاحقات الأمنية لكل من يتفوه برأى معارض، وأن ما يحدث الآن من سياسات ضد الشباب من السهل جدا أن نتوقع غدا ونقرأ فيها بوضوح عن صفحات مستقبلنا الغامض، هذا إن كان لنا مستقبل.