هل تحولنا إلى مجتمع يمقت ذاته وينافس شريكه، ويعترض على كل من يحميه، لإنقاذه أو لتأمين مصيره ولتغيير أحواله عن أحوال الدول المجاورة التى فقدت قدرتها على البقاء؟.. الشعور بالأمان أصبح صعبا فى ظل هذا السهو والتناسى أننا مازلنا فى حالة حرب بقاء، فإذا حضر الغضب والقلق ذهبت المبادئ والأخلاقيات والقيم، فتهاجم مصداقية المؤسسات فى كل الدولة.
الحقيقة أننا لن نتخلص بسهولة من هذه الأزمة التى شهدتها مصر بين نقابة الصحفيين ووزارة الداخلية، وربما ستظل تداعياتها راسخة بداخلنا، فقد ثبت أن بعض المعارك لا تكون دائما بالدبابة والصاروخ، ولكن بكسر الإرادة، نعم بالقلم، والكلام، قد تكسر إرادة وطن وتهدم محاولات النجاح بمشهد سلبى مبتذل يومى يتصدر الأخبار أمامك، فأهل الشر هم أهل التدمير والتخطيط ضد مصر، وهم ليسوا فى الخارج فقط، فهناك مجموعة تضع لمساتها وتعليقاتها على كل المواقف القومية والأمنية، وهم من المصريين فى الداخل، جزء من قوة الشر التى تسعى لتقسيم الوطن بنموذج حديث «ضمن اتفاقية سايس بيكو الجديدة للتقسيم الداخلى بأسلوب وأدوات حديثة»، يعنى منكم وفيكم مصريين، لذلك أجد مساحة من الشك تطرح الأسئلة لتوضيح المشهد لكل هذه المجموعة المنتفضة على الدولة.
والواقع أمامك يؤكد أن المرحلة الدولية تهدف لتحجيم عدد من الدول العربية لحساب نفوذ وأدوار لدول إقليمية أخرى، لذلك تجد تحركات القيادة المصرية ليس فقط لحرب البقاء، ولكن السعى والإصرار على التميز عن مصير الآخرين، فهى تعمل لتسجل معدلات التطور والتحدى.. نعم سنستمر ونشارك فى لعب أدوار سياسية ومحورية، وهى بالفعل من الخطوات التى تستفز الآخرين، ويتصاعد بسببها الهجوم على عدد من المؤسسات على حسب الفصول والمناسبات، نعم، فالآن الهجوم على وزارة الداخلية، وبالأمس القضاء، ودائما على الجيش، إلخ.
نحن بالفعل مؤمنون بحرية التعبير وحرية الصحافة، إذًا يا أصحاب الرأى، ويا أيها المصدرون للوعى اعلموا جيدا أن هناك محترفين آخرين فلا يملك أحد الحق فى أن يشوه صورة هذه المهنة، وبعد أن يجد الصد له والرفض من الجبهة الحرجة فيتراجع ويطالب بالتعامل معه من جديد حتى إن كان نقيبا أو صديقا أو زميلا، فهل البعض من هؤلاء «المتميزين» من الأعضاء أو المتدربين لهم الحق وحدهم أن يغيروا من المشهد ويطالبوا بإعتذار الرئيس واستقالة الوزير؟ وهل هم الفئة المقهورة والضحية المظلومة من مؤسسات الدولة والحكومة ويرفضون الحوار والتفاهم أو التعاون رغم أنهم من مجموعة المتشدقين بالديمقراطية؟! فحتى لو تم التراجع والتهدئة الآن، فلا يجب أبدا التهاون مع المضمون الفكرى لبيان النقابة، فقد أظهر النوايا الحقيقية ورد الفعل الأولى التى صدرت من البعض والتى تستحق الدراسة، فلماذا هذا الثأر المتعجل الآن من الداخلية؟!
فهل هناك من على الكرسى أو على المنبر أو من يملك المال أو الأسهم ولكن لا يملك الانتماء، فقرر المساهمة فى التطاول والتشويه والهجوم؟! وعلى الجانب الآخر تجد من جنودنا من يتم اغتيالهم بعمليات إرهابية يومية.. إذًا اسمح لى أيها المواطن، يجب عدم التهاون مع مسألة كسر هيبة الدولة وفى الحروب نتوحد جميعا أمام كل الأزمات، لذلك لابد من حسم المواقف مع كل مواطن أو مسؤول لأن التسامح الدائم أو التهاون أصبح مبدأ غير مقبول، فأصحاب الأجندة الخارجية يروّجون عن مصر الآن بأن هناك حكم إعدام للصحفيين من القضاء «الحكم الذى صدر فى قضية التخابر مع قطر»، وفى نفس التوقيت أخبار عن اقتحام النقابة من وزارة الداخلية، الشكل والخبر والمضمون كله أبعد عن حقيقة الأمور؟ إذًا فمن عليه توضيح الواقع للآخرين فى الخارج؟! الأعضاء من النواب فى البرلمان أم إعلام الدولة المتخاذل فى الشرح والتوضيح أو مجتمع مدنى يملك ضبابية فى الأهداف أو رجال أعمال أو أصحاب الصحف أو الفضائيات لهم حق التردد بين المكاسب المادية والمعنوية؟! للأسف فى وقت الجد والاحتياج قد لا نجد منهم أحدا، ومع ذلك مازال هناك الأغلبية من المخلصين لا يملكون سوى الإيمان بالوطن، علينا الانتباه لقوى الشر التى تخطط بإحكام بأطراف داخلية تعمل ضد الدولة، ولكن بثوب جديد، نعم فهكذا سقط الاتحاد السوفييتى بهذا الأسلوب، حيث تآكلت القوة الوطنية من الداخل وخف الولاء والإيمان بأعمدة الدولة وتصاعدت السلبيات، وبالتالى مع الوقت تلاشى الدب الروسى من أمامك فجأة بدون صاروخ أو دبابة، لأنه ثبت أن فن الإدارة فى الأزمات هو الأهم لتشكيل خط الدفاع الأول للبقاء أمام الأعداء.