يمكن القول إن الكثير من المعلومات التى وردت فى البريد الإلكترونى لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلارى كلينتون سبق نشره، لكن ظهور كتلة المعلومات بجوار بعضها تشير الى روابط وخيوط وعلاقات ممتدة بين هيلارى وإدارة أوباما، من جهة، وبين أطراف من نشطاء دول الربيع العربى، من جهة أخرى بينما الطرف المشترك هو قطر سواء مع حمد بن جاسم أو تميم بن حمد، حيث لعبت قطر دور «الخزنة» وكيس المال الجاهز لتمويل أى أنشطة، وأن قناة الجزيرة كانت تقدم تغطية موجهة يتم وضع خططها فى واشنطن.
قطر قدمت تمويلا متكررا لمؤسسة كلينتون، وكانت هذه الأموال محل مناقشة أثناء الحملات الانتخابية الماضية فى الولايات المتحدة باعتبارها تخالف القانون الأمريكى، ونفس الأمر فيما يتعلق بسابقة افتتاح فروع من مراكز بحثية وحقوقية أمريكية فى الدوحة، منها بروكنز، مع تقديم تمويل لمنظمات حقوقية تساند تحركات قطر.
ويتضمن أحد الإيميلات، تفاصيل الاتجاه لتخصيص 100 مليون دولار تدفعها قطر، وتم الاتفاق عليها وتتحدث هيلارى وفريقها عن إنشاء شبكة إعلامية ضخمة لدعم الإخوان المسلمين وإدارة وضاح خنفر، على طريقة الوكالة الأمريكية، إن تغطية الجزيرة للتظاهرات أو الأنشطة السياسية لم تكن تقوم على مهنية، وإنما على توجه وانحياز واضح لتنظيم الإخوان، ويمكن مراجعة أرشيف لقاءات هيلارى كلينتون ومساعديها من تنظيم الإخوان طوال عام 2011 وما بعده.
ويبدو أن مبلغ 100 مليون دولار، يفسر كيفية ظهور قنوات فجأة فى مصر، ونظرة على عدد الفضائيات التى ظهرت بعد يناير 2011، نكتشف أن ما يقرب من خمس قنوات للإخوان، فضلا عن عشرات القنوات المتطرفة، والتى لعبت دورا كظهير للجماعة، بجانب قنوات ظلت تمثل لغزا فى ظهورها واختفائها، وتعيد هذه القنوات التذكير بـ 600 قناة تم إطلاقها فى أعقاب غزو العراق لعبت أغلبها دورا فى صناعة صراع طائفى وعرقى انتهى بظهور داعش.
وكثير من هذه القنوات كانت تتبنى نشطاء وتقدم برامج يمكن رؤية انعكاساتها فى الأوراق المنشورة من بريد هيلارى، بل إن بعض الموضوعات التى تطرح للمناقشة كانت ضمن أجندات، وتتعلق بتنفيذ تعليمات وليس مجرد برامج.
وتتضمن وثائق البريد رسائل بين وكيلة الخارجية الأمريكية جودث ماكهيل ووضاح خنفر مدير قناة الجزيرة الأسبق حول استمرار وطريقة تغطية القناة للتظاهرات وطلب وضاح بعض المقترحات من الخارجية الامريكية، ونسترجع تفاصيل التغطية المنحازة، والتى ركزت على تنظيم الإخوان، وتوسعت فى تقديم قياداته ورموزه، ومنذ سنوات ظهرت تفاصيل اتصالات بين قيادات الإخوان مثل البلتاجى والعريان مع الجزيرة لتنسيق المواقف فى التغطيات. كما تتضمن الإيميلات تفاصيل زيارة وزيرة الخارجية لقطر واجتماعها مع فريق الجزيرة، منتصف 2010، مع الأخذ فى الاعتبار أن شهادات بعض من شاركوا فى الأحداث ذكرت تفاصيل اجتماعات تمت دعوتهم إليها فى الدوحة فى نفس التوقيتات.
ولا يزال وضاح خنفر يشرف على عشرات المواقع واللجان الإلكترونية التى تنتج أخبارا، ومنها عرب بوست وميدل ايست بوست، وبعضها يتم إطلاقه بأسماء أجنبية كنوع من التمويه بعد افتضاح علاقة قطر بتمويل كل هذه المنصات، ومنها بالطبع مواقع مصرية وحقوقية لم يعد ممكنا إخفاء علاقتها بالممول القطرى.
وأهم أدوار هذه المواقع إنتاج وفبركة أخبار، تمثل أهم مصادر الجزيرة وتوابعها، وبرامجها حتى الآن، وبالتالى فإن ما ورد فى الأوراق عليه أكثر من واقعة وقرينة، حول دور وضاح وكونه لا يزال يلعب نفس الدور، وحتى الحديث عن هاشتاجات أو مقالات معينة تنشر فى صحف أمريكية، يمكن التوصل إليه من أرشيف الإنترنت، ومثله الأحداث التى تزامنت مع التواريخ الواردة فى الرسائل، والتى يمكن أن تقدم أجزاء من الصورة الكاملة.