مُكتسبات ومؤسسات على نهج الحداثة تُساهم في مسيرة التنمية.. قنوات ومنصات إخبارية ذات تقنيات عالية.. إنتاج درامي وتليفزيوني يهدف لبناء وعي المواطن المصري.. واقتحام لساحة السوشيال ميديا لمُواجهة سلاح الأعداء
إذا أردت أن تحكُم عن أداء مؤسسة أو جهة ما؛ فمن المُظلِم أن تتحدث عن الوقت الحالي دون الرجوع إلى الوراء ومقارنة الوضع الحالي بما سبق. الملف الإعلام المصري شهد تطورًا كبيرًا خلال السنوات الماضية ولاسيما الثلاث الأخيرة، فقد بدأت يشهد هيكلًا له ملامح واضحة عما كان من قبل.
لا يُنكر أي صحفي أو إعلامي أنه منذ بداية عمله بهذه المهنة أنه كان يحلُم دائمًا بأن يكون تابعًا لمؤسسة إعلامية ذات كيان ثابت واسم له صيته مثله مثل المؤسسات الإعلامية الشهيرة والموجودة حول العالم سواء على المستوى الغربي أو الخليجي. الإعلام في مصر طان له هيئة خلال حُكم الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، لها إيجابياتها لا يُمكن أن نقول غير ذلك، ولكن تلك الهيئة بما كان بها سلبيات لا تتناسب مع التطورات الحالية التي يشهدها المجال الإعلامي بشكل عام، كما أن مصر تراجعت من الناحية لإعلامية كثيرًا في الوطن العربي، بعد أن كان ما تُنتجه من دراما وأفلام وبرامج يغزو الدول الشقيقة ما كان يُمثل قوة ناعمة حقيقية، يُمكنها أن تؤثر وتتأثر وتُقرب بين الشعوب ووجهات النظر.
ثم حدث ما يُمكن أن نُطلق عليه التدمير الشامل للملف الإعلامي المصري إبان فترة حُكم جماعة الإخوان الإرهابية، حيث انحرف الإعلام تمامًا عن مساره وتحولت غالبية الشاشات إلى ساحات لمن يُطلق عليهم شيوخًا أو رجال دين، حتى عدد من المذيعين كان من أصحاب مدرسة تصدير الأفكار المتطرفة والشاذة عن ديننا وعاداتنا وتقاليدنا والتي لم تكُن تُعبر عن أطياف الشعب المصري؛ بل عن عناصر التيار الإرهابي وتابعيه فقط. وقد تصدى عدد من الإعلاميين في ذالك التوقيت لممارئات الجماعة الإرهابية، ولم يخشوا من قول آراءهم والإعلان عن رفضهم لحُكم الإخوان وسياساتهم وكانوا بمثابة صوت العقل وتوضيح وشرّح الحقائق للرأي العام والوقوف بجانب المواطنين في قرارهم بالثورة ذك نظام الجماعة الإرهابية في 30 يونيو 2013.
وقد شهدت السنوات التالية لذلك محاولات واضحة لرأب الصدّع الذي تسبب فيه حُكم الإخوان بالملف الإعلامي المصري، واستجابة لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي في أكثر من مناسبة وفعالية بضرورة الاهتمام بالوسائل والمنصات الإعلامية ودورها في بناء الوعي المصري، بدا واضحًا سياسات إعلامية مختلفة وبناءة ساهمت بشكل كبير في بناء الوعي المصري وكشف الحقائق للمواطنين أمام سيلّ الشائعات والأكاذيب والزيف الذي يُصره إعلام الجماعة الإؤرهابية والمنصات المختلفة التي تعمل على تمويلها ودعمها الأنظمة المُعادية لمصر واستقراراها حيث قطر وتركيا. ومن أكثر ما بدا مُميزًا بالمنظومة الإعلامية الحديثة هي "الهيكلية" حيث أصبحت مؤسسات قائمة بذاتها لها اسمها وكُنيتها ما يُساعدها على سرعة الإنتشار والإشتهار في المنطقة ثم عالميًا. هذا واهتمت بتدشين منصات وبرامج إخبارية وفرّت لها العديد من الإمكانيات والتقنيات الحديثة حتى تُمكنها من المنافسة في السوق الإعلامي وإثبات الذات، هذا وبدأ في التركيز في مضمون ومحتوى إعلامي يشهد التطور والتحديث هو الآخر، إضافة إلى الاهتمام بتقديم محتوى درامي وتليفزيوني وسينمائي هادف يكشف الوقائع التاريخية والحقيقية ويُساهم في بناء أجيال قادمة ذات روح وطنية وعلى دراية بمجهودات الدولة ومؤسساها الوطنية في بناء وطن مُستقر مُزدهر على كافة الأصعدة.
اللافت أيضًا في المشهد الإعلامي الحالي هو اهتمام المنظومة الإعلامية بمنصات التواصل الاجتماعي، حيث استطاعت في السنوات الأخيرة في غزو السوشيال ميديا من خلال حسابات رسمية للوسائل الإعلامية وأيضًا لشخصيات مُنتمية للمجال الإعلامي، باتت قادرة إلى حد كبير في مُواجهة الحرب "السوشيالية" التي تُواجهها الدولة من قبل اللجان الإليكترونية المدعومة والمُمولة من أطراف طالما تهدف إلى هدم استقرار مصر وأمنها.
الإعلام المصري بالفعل يشهد تطورًا كبيرًا وإنجازات على فترات مُتقاربة لا يُمكن أن يتغاضى عنها أحد، كما بات القائمون عليه أكثرتفهُمًا يعترفون باأخطاء ويعملون على تصحيحها من حين إلى آخر، كما أصبحت المنابر الإعلامية أكثر ترابطًا فهي الآن تعمل سويًا على أُسس من التعاون على غرار أشهر المؤسسات الإعلامية الأجنبية؛ ولتحقيق هدف واحد ألا وهو توعية الشعب المصري والنهوض بالوطن والحفاظ على مسيرته التنموية.
فلنتذكر الماضي بكل جوانبه، ونقف قليلًا لمُراقبة الحاضر والتعلم من أخطاءه والعمل على تنمية إيجابياته لبناء مستقبل أفضل قائم على الترابط والتعاون والأهداف الوطنية لبناء وطن أفضل يسعنا جميعًا.