لا حديث فى الشارع الآن إلا عن ارتفاع سعر كيلو الأرز الذى سجل 9 جنيهات للكيلو، وربما يرتفع لأكثر من ذلك خلال الأيام المقبلة، خاصة أنه لا يفصلنا عن شهر رمضان سوى ثلاثة أسابيع، ورغم هذا الارتفاع المفاجئ فإن وزير التموين، الدكتور خالد حنفى، أكد أن الوزارة اتخذت إجراءات لتوفير السلع الغذائية، بما فيها الأرز بالطبع، استعدادًا لشهر رمضان، ومن هذه الإجراءات معارض «أهلاً رمضان» التى تقيمها الوزارة بمختلف المحافظات، بالتعاون مع الغرف التجارية، لإتاحة السلع بأسعار مناسبة بالاتفاق بين الموردين والمنتجين وبكميات كبيرة تتناسب مع نمط الاستهلاك فى الشهر الكريم.
وأشار الوزير- وفقًا لبيان صدر عن رئاسة الجمهورية الأحد الماضى بعد اجتماع الرئيس عبدالفتاح السيسى مع وزير التموين- إلى أنه سيتم ضخ كميات كبيرة من الأرز خلال الأيام المقبلة توازى 40 ألف طن، وسيتم طرحها فى المجمعات الاستهلاكية، والقوافل المتحركة بأسعار مناسبة، حيث ستقوم الوزارة بشراء كميات إضافية من الأرز وقت الحصاد فى نهاية شهر رمضان.
وبعد البيان الرئاسى قال محمود دياب، المتحدث باسم وزارة التموين، فى تصريحات تليفزيونية أمس الأول، الاثنين، إن أزمة الأرز تم حلها بعد ضخ 20 ألف طن فى المجمعات الاستهلاكية، كما سيتم ضخ 20 ألف طن أخرى خلال الأيام المقبلة، بالإضافة إلى أن هيئة السلع التموينية بدأت فى اتخاذ الإجراءات لاستيراد 80 ألف طن لطرحها فى الأسواق فى شهر رمضان، معلنًا حدوث انفراجة خلال شهر فى أسعار الأرز، لأن المحصول الجديد سوف يطرح فى الأسواق، وعندها يصبح الطلب أقل من العرض فيقل سعره.
نحن إذن أمام أزمة معروفة للجميع، ومحاولات حكومية لمحاصرتها، حتى لا تؤثر على ميزانية الأسر المصرية مع دخول شهر رمضان، لكن السؤال الآن: ما السبب فى هذه الأزمة، وكيفية التغلب عليها حتى لا تتكرر مستقبلاً؟
فى البداية فإن أزمة الأرز من وجهة نظر البعض «مفتعلة»، فهم يرون أن نقص المطروح من سلعة الأرز فى الأسواق يعود إلى امتناع عدد من التجار عن البيع لاحتكار الأرز، ورفع الأسعار، حتى وصل سعر الكيلو فى الكثير من المناطق إلى 9 جنيهات، مع العلم بأن معدلات إنتاج الأرز المحلى تتراوح بين 4 و4.5 مليون طن أرز سنويًا، فى الوقت الذى لا يتجاوز معدل استهلاك المصريين من المنتج 3.5 مليون طن فقط، بما يؤكد وجود فائض عن الاحتياج مقداره مليون طن أرز سنويًا يتم تصديره، لكن ما يحدث هو لجوء البعض إلى احتكار الأرز لتعطيش الأسواق، لكى يرتفع سعر الكيلو ويحققوا مكاسب «غير مشروعة»، وهو الأمر الذى كشفت عنه الإدارة العامة لمباحث التموين فى العديد من المحافظات، حينما صادرت على مدى الأيام الماضية كميات كبيرة من الأرز، وإحالة أصحابها إلى النيابة العامة، حيث تشير الأرقام إلى أن الإدارة العامة لمباحث التموين ضبطت 150 طنًا لدى مخزن شركة بمنطقة الزقازيق نتيجة الامتناع عن البيع للمواطنين، إضافة إلى ضبط 400 طن أرز بأحد المضارب بعد امتناع صاحب المضرب عن البيع.
بجانب هذه الرؤية للأزمة التى تراها «مفتعلة»، فهناك رأى آخر يقول بأن الواقع غير ذلك، فالأزمة موجودة ووصلت إلى بطاقات التموين التى تعانى نقص الأرز، وفقًا لما قاله محمود حسونة، أمين عامة نقابة بقالى التموين، الذى أضاف أن الكميات المتاحة حاليًا من الأرز تكون على فارق نقاط الأرز، ولا تلبى احتياجات أكثر من 20% من مستحقى الدعم من حاملى بطاقات التموين ضمن سلع فارق نقاط الخبز، وهو ما يؤكد وجود أزمة بالفعل، وأن القضية لا تتعلق بالافتعال فقط، إنما هناك جذور لمشكلة تحتاج لتدخل سريع للاحتواء، تقوم على محاصرة التجار الذين يلعبون على فكرة «الاحتكار» لتحقيق مكاسب مالية، أو من يلجأون لتهريب الأرز عبر الحدود لإشعال الأزمة ورفع الأسعار.
الحل بوضع ضوابط جديدة لبيع وشراء السلع الأساسية ومنها الأرز، والتصدير أيضًا، بحيث يقتصر التصدير على الكميات الفائضة على حاجة الاستهلاك المحلى، ومحاصرة التجار المتلاعبين بالسلع الاستراتيجية المهمة.