مع كل الأزمات التى شهدها العالم فى 2020، والركود الاقتصادى وتراجع معدلات النمو والاستثمار، وتهاوى أسواق المال بفعل التأثير السلبى للفيروس المستجد " كوفيد 19"، فإن هذا العام كان تميمة حظ المعدن الأصفر "الذهب"، وحقق لحائزيه مكاسب هائلة لم يتخيلوها منذ عقد كامل، بعدما صعد سعر أوقية الذهب أواخر مارس الماضى من 1450 دولارا، حتى وصل إلى 1908 دولارات في جلسة تداول اليوم حتى كتابة هذا المقال.
وقد حقق الذهب صعودا متواصلا دون تصحيح أو جنى أرباح بمعدلات قاربت 25%، في قفزة تاريخية، كسر خلالها عشرات النقاط من المقاومة، وكوّن الكثير من نقاط الدعم والقوة، ليوصل رحلة الصعود المحمومة التى يؤكد الخبراء أنها قاربت الانتهاء، حتى بات المعدن الأصفر على موعد مع عمليات بيع عنيفة خلال الفترة المقبلة.
رحلة بيع الذهب بدأت مع اتجاه عدد من البنوك المركزية فى العالم عمليات بيعية مكثفة، خاصة آسيا وجنوب أوروبا، حيث بدأت روسيا وتركيا وأوزباكستان عمليات بيع خلال الربع الثالث من العام الجارى، وقد أظهرت بيانات الأسواق وفقا لتقرير أعدته وكالة بلومبيرج الأمريكية، أن صافي مبيعات البنوك المركزية من الذهب بلغ في الربع الثالث من 2020 نحو 21.1 طنا، مقارنة بفارق شراء 141.9 طنا في نفس الفترة فى العام 2019.
لا يختلف أحد على فكرة أن الذهب مخزن قيمة، وضامن لحيازة الأموال والمدخرات الخاصة بالأفراد والمؤسسات، وقد كان دائما جدير بثقة كل من استثمروا فيه، إلا أن الادخار في الذهب له سلبيات كبيرة جدا لها آثار كارثية على الاقتصاد ومعدلات النمو، خاصة أنه لا يقدم عائدا من حيازته، بعكس البنوك أو الاستثمار المباشر فى أى سلعة أو خدمة، بالإضافة إلى أنه يساهم فى حدوث انكماش اقتصادى على المدى المتوسط والطويل، نتيجة عدم استثمار أو استغلال الأموال الموجودة فيه، كما أنه يقود إلى خروج رؤوس الأموال من الأسواق، وهذا بدوره يعيق معدلات النمو ويدفع الاقتصاد إلى المزيد من التعثر، خاصة أن كان العالم يعيش أثر جائحة كورونا العالمية، ومازالت المنشآت الصناعية والتجارية تعمل بنصف كفاءة أو أقل.
أتصور أن الذهب سيتجه إلى موجة تصحيح عنيفة خلال الأشهر المقبلة، مدفوعة بتأثر جائجة كورونا العالمية، فكما رفع الفيروس المستجد أسعار المعدن الأصفر ستنخفض لنفس السبب، نتيجة عدم قدرة البنوك المركزية الوفاء بالتزاماتها، وحالة الركود الاقتصادى الحادة التى ينتظرها العالم، ما سيدفعها إلى بيع جزء من احتياطى الذهب لديها، أو على الأقل التوقف عن الشراء لفترة.