قبيح وإباحى وعنصرى ومحبوب
أنظر مليا، أنظر بجدية، أنظر بدقة، أنظر وتأمل، دقق فى ملامحه، راقب عضلات وجهه، تتبع نبرات صوته، هذا الـ«كاركتر» المدعو دونالد ترامب، الذى أصبح حديث العالم، يتقدم بخطى ثابتة نحو انتخابات الرئاسة الأمريكية، تقدم على منافسيه فى الانتخابات التمهيدية، وما هى إلا أسابيع قليلة حتى يشهد العالم إعلان اسم المرشح الجمهورى لخوض الانتخابات الرئاسية الأمريكية فى 21 يوليو المقبل، ويا ويل العالم إذا ما تربعت تلك الشخصية الكاريكاتورية السوداء على عرش القرار الأمريكى، وهو ويل لو تعلمون «قريب».
دعنى أصارحك بأننى حتى وقت قريب، كنت أتخذ فكرة ترشيح “ترامب” للانتخابات الأمريكية هزوا، كما كنت أعتبرها نكتة سمجة من نكات العالم الهزلى، تماما مثلما كنت أعتبر فكرة ترشح «حازم صلاح أبوإسماعيلى» للانتخابات الرئاسية الأمريكية، أضحوكة سمجة من أضحوكات ما بعد الثورة، لكن على ما يبدو أن هذا العالم صار مدفوعا بالجنون مبهورا بالشخصيات المضطربة داعما لكل متطرف مأفون.
رجل يرى النساء آلات جنس فحسب، لدرجة أنه صرح ذات يوم بأنه لولا أن ابنته ابنته لرافقها فى موعد غرامى، مؤسسا نظريات عدة حول علاقة جمال المرأة بحجم صدرها وكبر مؤخرتها، رجل كاره وكريه، يدفع بلاده دفعا لتوتر العلاقات مع غالبية دول العالم، فيتهم المكسيكيين بأنهم قتلة ومغتصبون، ويتهم الأفارقة بأنهم يميلون للإجرام معتمدا على تقارير مفبركة، ويتهم المسلمين جميعا بالإرهاب، ويقول للصينيين اذهبوا وضاجعوا أنفسكم، مستخدما اللفظ العامى الصريح القبيح فى وصف كلمة المضاجعة، رجل يرى الشر كامنا فى كل ما هو غير أمريكى عنصرى فج، يكشف وجه أمريكا العنصرى الناعم بوقاحة وقبح، رجل يميل للعنف اللفظى والفعلى، ويربى فى أتباعه كراهية كل من هو مسلم.
رجل يقود روح التطرف فى أمريكا، ويزرع الكراهية ويرعاها فى قلوب الأمريكيين، لدرجة أن شقيقين اعتديا على رجل مكسيكى الأصل بمحطة قطار أنفاق فى أمريكا، وقالا إن الرجل مهاجر غير شرعى، فى حين أن المحكمة أثبتت أن المعتدى عليه حاصل على رخصة إقامة كاملة، كما أثبتت اعتناق الأخوين لفكر ترامب، حيث قال الشقيقان فى التحقيقات: «ترامب على حق ... يجب ترحيل هؤلاء»، إذ يعتزم «ترامب» إجراء عملية ترحيل جماعى لما يقرب من 11 مليون مهاجر غير شرعى من أمريكا، ويعتزم أيضا بناء سور على الحدود الأمريكية المكسيكية، ويعتزم أيضا منع المسلمين من دخول أمريكا، وشركاته متهمة بالتعاون مع كل الأنظمة المستبدة، التى تنتهك حقوق الإنسان، رجل لا يخفى تطرفه، لا يكذب ولا يتجمل، يكشف وجهه البشاعة الكامنة تحت قشرة الحضارة الأمريكية، لا يكلف نفسه عناء ارتداء الأقنعة، لكن فى ذات الوقت يؤجج روح التطرف فى العالم أجمع، كما يؤججها فى الداخل الأمريكى، وهو ما ينذر بعصر جديد من «الخبل العالمى» يقوده المتطرفون، ويدفع ثمنه الأبرياء، لكنه مع هذا يؤكد بجدية أنه رجل لطيف، قائلا: «أنا رجل لطيف حقا، صدقونى، أشعر بالفخر لكونى رجلا لطيفا».