مائة عام بالتمام والكمال مرت على ميلاد عبد الرحمن الشرقاوى، الذى عاش مخلصا لما يعرفه وهو الإبداع، حتى صار واحدا من القمم الثقافية التى نفخر بها فى مصر.
وعادة ما أقرأ سيرة عبد الرحمن الشرقاوى الإبداعية من زاوية الشخصنة، أى أنه كتب عما آمن به، وحمَّل كتبه ما أراده من أفكار، ومع ذلك لم تطغ الأفكار على الفن، بل جاء الأمر متسقا بصورة جميلة.
ربما لا يعرف الناس فى دروب القرى وشوارعها أن عبد الرحمن الشرقاوى هو مؤلف رواية "الأرض" التى تحولت لفيلم شهير على يد المخرج العالمى يوسف شاهين، لكنهم يعرفونه جيدا شخصية "محمد أبو سويلم" التى قام بها الفنان الكبير محمود المليجى، أحبوا الشخصية وحولوها إلى رمز، وراحوا يقوون بها روحهم كلما تعرضوا لظلم أو بحثوا عن بطل بينهم.
أما المثقفون فيقرأون "الحسين ثائرا، والحسين شهيدا" فيتأثرون أشد التأثر، ويقولون كيف تعرض الحفيد الشريف لكل هذا الظلم، كيف خرجت الوجوه الكئيبة لبنى أمية يحملون السيوف يقصدون قتل سيد زمانه.
أما قصيدته الشهيرة "رسالة من أب مصرى إلى الرئيس الأمريكى ترومان" فهى قصيده يفهمها العالم كله، خاصة لو علمنا أن "ترومان" هو الذى ألقيت القنبلتان الذريتان هيروشيما ونجازاكى فى أيامه وزمنه.
من هذه الرؤية كتب عبد الرحمن الشرقاوى، فاستحق خلودا حقيقية فى دنيا الثقافة المصرية والعربية، وربما العالمية، فهو بالفعل كان يستحق أن تتعصب له الحكومة المصرية وترشحه لجائزة "نوبل" وذلك لا يقلل من منافسيه وعلى رأسهم الكبير نجيب محفوظ.