تقترب الانتخابات من نهايتها، ومن خلال المتابعة للعملية الانتخابية حتى الآن، لم يتم ضبط أى تدخلات فى سير عمليات التصويت والفرز، الأمر الذى يشير إلى أهمية الأصوات الانتخابية فى اختيار مرشح، واستبعاد آخر، وهناك مرشحون كان البعض يتصور أنهم سوف يفوزون وخسروا، ونواب توقع البعض أن يخرجوا من السباق لكنهم واصلوا المنافسة بالإعادة.
نحن أمام تجارب سياسية، وربما تكون الأحزاب بحاجة إلى الاستفادة من هذا فى تقديم عمل سياسى حقيقى يقوم على التواصل مع الجماهير والاستماع إليهم، وبناء حلقات اتصال مع الناس، بشكل يسهم فى إقامة حوار حول ما يجرى من سياسات، ودور الأحزاب أن تشرح وتوضح وتناقش، وهو دور يبدو أكبر من مجرد خوض الانتخابات بشكل موسمى.
لدينا نظريا أكثر من 108 أحزاب، وعمليا لا يمكن ذكر عشرة منها، وبالتالى ربما يكون هذا الأمر بحاجة إلى مراجعة من الأحزاب نفسها، بالاندماج أو التحالف أو أى صيغة، وفيما يتعلق بالانتخابات قد تكون القائمة المتحالفة من عدة أحزاب أنسب، من أن يقدم كل حزب قائمة، ولا تزال السباقات على المقاعد الفردية تحظى بسخونة أكبر.
وفيما يتعلق بالتصويت واستبعاد عدد كبير من نواب المجلس السابق، هناك عوامل ساهمت فى هذا، خاصة للمرشحين الذين خاضوا الانتخابات فرديا، أغلب هؤلاء قضى فترة انعقاد البرلمان من دون حضور، غاب كثيرون وكان رئيس البرلمان كثيرا ما يطلب من النواب الحضور.
هناك نواب قضوا فترة البرلمان بعيدا ولم يساهموا بأى جهد، وتعاملوا مع البرلمان على أنه نوع من الوجاهة وليس لأى منهم أى إنجاز، وبعضهم كان يحتمى فى القائمة، وعندما ترشحوا فرديا لم يحصلوا على أصوات، وبالتالى خسروا، وهو درس لمن يأتى بعدهم، أن النائب طالما وصل إلى البرلمان عليه أن يتحمل المسؤولية، ويقدم جهدا حقيقيا فيما يتعلق بدور تشريعى ورقابى، وهو دور مطلوب أكثر فى المرحلة القادمة، ومن بين أدوار النائب متابعة عمل المحافظات والأحياء والمدن، المحليات بشكل عام، لأنها تمثل قلب العمل الجماهيرى، وحتى يتم انتخاب المجالس الشعبية المحلية على النواب أن يتابعوا مدى قدرة المحليات على التفاعل مع الناس، والواقع أن عدم قيام المحليات بدورها يضيع الكثير من الجهود المبذولة فى مشروعات قومية وخدمات ومبادرات، ويفترض أن يكون هناك دور للنواب فى توصيل هذا، وأن يكونوا عناصر اتصال بين الناس والحكومة.
وحتى الآن لا يمكن القول إن هناك عملا سياسيا أو حزبيا حقيقيا، ولا تزال الانتخابات تعتمد على المساعى الفردية والشخصية، وعلى الأحزاب أن تعيد النظر فى تحركاتها، بالشكل الذى يجعلها مكانا لعمل حقيقى وليس شكليا، وأن تنضج هذه الأحزاب سياسيا حتى يمكنها أن تملأ الفراغ وتمثل ظهيرا سياسيا حقيقيا، وأن تجد لنفسها مكانا فى عالم يشهد تحولات ضخمة فى التكنولوجيا والاتصال ومواقع التواصل الاجتماعى.
هناك تحولات فى العالم كله تتعلق بشكل وطبيعة العمل السياسى، والمنافسة، وعلى النواب والأحزاب أن يسعوا للانخراط فى هذا العالم ويجيدوا التعامل مع مفردات العصر، حتى لو استلزم ذلك إعادة تدريب وتأهيل الكوادر حتى يكونوا على مستوى التحديات، وعلى مستوى الجمهور الذى نضج ويمتلك أدوات يفرق فيها بين الصواب والخطأ، ويجب أن ينتهى دور نواب الوجاهة والمنظرة.