رغم التقارير الإيجابية الأخيرة، حول التوصل للقاحات مضادة لفيروس "كورونا" المستجد، الذي أصاب وقتل الملايين من البشر حول العالم، إلا أنه لا يزال هناك وقتاً طويل حتى وصول اللقاح لأكبر عدد ممكن من سكان الكوكب، وبالتالي لا يزال الخطر قائماً خاصة مع دخول مصر الموجة الثانية من الوباء وارتفاع عدد الإصابات والوفيات مجدداً.
العلماء والأطباء من مشرق الأرض لمغربها أجمعوا على أن الحل الوحيد والأفضل لوقف سرعة انتشار هذا المرض اللعين هو ارتداء القناع الطبي "الكمامة" في الأماكن العامة المغلقة والمزدحمة.
تاريخياً، ارتبط ارتداء الكمامات في أذهان البشر بالأوبئة، وعلى مدار العام الحالي ومع انتشار الفيروس التاجي المستجد، بشكل مفزع، بدأ الناس يستخدمونها مرة أخرى، ولكن كطبيعة البشر يمل الكثيرون منها، وآخرون لا يعترفون بأهميتها مما أدى لتضاعف عدد الإصابات في أماكن مختلفة حول العالم.
في مصر وحتى كتابة هذه السطور وصل إجمالي عدد المصابين إلى 115183 إصابة وتوفى نحو 6621 شخص، وأمس فقط بلغت الإصابات الجديدة 351 إصابة، ولا يزال منحنى الإصابات في تصاعد مستمر مع دخول البلاد في الموجة الثانية من الوباء، وبالرغم من التحذيرات المكثفة من وزارة الصحة وفرض الدولة المصرية لغرامات كبيرة على غير الملتزمين، ودور الإعلام الكبير في توعية المواطنين بأهمية ارتداء "الكمامة" والتباعد الاجتماعي واتخذا كافة الإجراءات الاحترازية في تعاملنا مع بعضنا البعض، إلا أن الكثير لا يلتزم ولا يعبأ بخطورة الأمر.
في المواصلات العامة من مترو أنفاق وأتوبيسات نقل عام أو خاص وغيرها ، نادراً ما تجد شخص يرتدي الكمامة، كما أنه في المولات والمحلات التجارية الكبيرة التي تشدد من الإجراءات الاحترازية وتنشر أشخاص تكون مهمتهم الكشف الحراري على الزبائن، تجد ظاهرة غريبة يعجز العقل عن فهمها وهى أن الداخلون للمتجر مرتدين للكمامة عقب ولوجهم للمكان يخلعونها فوراً ، وكأن الكمامة "هم" يريدون أن يزيحوه في أقرب فرصة طالما ابتعدوا عن أنظار المسؤول عن تطبيق الإجراءات، وقس على ذلك التهاون في أماكن العمل والمدراس والجامعات وغيرها.
وهنا يحضر في ذهني دراسة أجريت في المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية، نشرتها هيئة الإذاعة البريطانيةBBC مطلع العام الجاري مع اشتداد انتشار الوباء وقبل أن تلجأ دول كثيرة للإغلاق التام، جاء فيها أن فيروس كورونا المستجد عندما ينجح في اختراق الخلايا ويتكاثر، تخرج الجسيمات الفيروسية من الخلايا وتدخل إلى سوائل الجسم في الرئتين والفم والأنف، وعندما يسعل المصاب تتناثر القطيرات الدقيقة، أو الرذاذ، المملوء بالفيروسات في الجو، وقد يخرج من فم المصاب أثناء العطسة الواحدة3000 قطرة رذاذ، كما أن الفيروس ينتشر عن طريق الرذاذ الذي يخرج من الفم أثناء التحد، وبالتالي توصل العلماء إلى أن الكمامات ستصبح جزءا من حياتنا حتى انتهاء هذا الوباء نهائياً.
وتوصلت الدراسة أيضا إلى أن فيروس كورونا المستجد يبقى حيا في قطرات الجهاز التنفسي لثلاث ساعات على الأقل، في حين أن دراسة أخرى أشارت إلى أن الفيروس المستجد قد يظل قادرا على الانتقال بين البشر لأكثر من 16 ساعة عندما يكون معلقا في قطرات الرذاذ، إذ اكتشف الباحثون أن هذا الفيروس تحديدا أكثر قدرة على البقاء حيا في قطيرات الجهاز التنفسي المعلقة مقارنة بالفيروسات الأخرى، وخلصت الدراسة إلى أنه إذا تهيأت الفرص المواتية للفيروس فقد يظل معلقا في الهواء لعدة ساعات ويظل قادرا على الانتقال إلى الأشخاص الذين يستنشقون القطيرات التي تحتوي عليه، وهو ما يؤكد أيضا أهمية ارتداء الكمامة ولماذا ينتشر المرض بهذه السرعة في كافة بلدان العالم.
فمن فضلكم.. الرجاء كل الرجاء.. حافظوا على أنفسكم وأحبائكم وارتدوا الكمامة حتى يزيل الله عنا هذا الوباء ..