لم يراقب المصريون انتخابات برلمانية فى بلد عربى مثلما راقبوا بالأمس انتخابات مجلس الامة الكويتى ولم يفرحوا بنتيجة انتخابات عربية مثلما فرحوا بنتائج الانتخابات الكويتية، أو بصورة أدق وأكثر تحديدا خسارة النائبة الكويتية صفاء الهاشم.
الفرحة جاءت بسقوط "النائبة العنصرية"- كما كانت تفتخر وتزهو بذلك- وفشلها فى الحفاظ على مقعدها التى حافظت عليه لعدة دورات سابقة فلم تحصل سوى على 300 صوت فقط، وهو ما اعتبره المصريون صفعة قوية لها من الشعب الكويتى الذى رفض عنصريتها وتصريحاتها البغيضة والمستفزة ضد مصر والعمالة المصرية. ومن راقب وسائل التواصل الاجتماعى بالأمس واليوم فى البلدين الشقيقين فقد وجد احتفالية مشتركة بين الشعبين ابتهاجا بسقوطها ولفظها من الحياة البرلمانية.
المصريون وجهوا التحية للشعب الكويتى الواعى والمدرك لطبيعة العلاقات التاريخية بين مصر والكويت منذ استقلال دولة الكويت ومواقف مصر إلى جانب الكويت وأيضا مواقف الكويت إلى جانب مصر والمعمدة بالدم فى حرب أكتوبر المجيدة فهناك دماء حوالى 50 شهيدا كويتيا روت مع دماء إخوانهم من الشهداء المصريين أرض سيناء الغالية.
مصير العنصرية الفشل والسقوط ليس لصفاء الهاشم فقط بل لرفيقها فى العنصرية أيضا نادر المنصور- كما كتب أحد الاشقاء فى الكويت- "فهذا هو مصيركم، للتفرقة والفتنة بين الشعوب العربية ودولة الكويت ومصر"، ". ويرد عليه المصريون “راحت صفاء الهاشم وراح الكرسى، وبقيت عنصريتها المقيتة فى صدر كل وافد، المناصب زائلة والكلمة الطيبة باقية، يبقى الكويت صاحب الكلمة الأخيرة عاشت الكويت أبية وعاش كل مخلص، وخاب وخسر من أوقد للفتنة نارا".
الاحتفالية لم تكن مصرية كويتية فقط وامتدت إلى باقى الشعوب العربية وخاصة فى منطقة الخليج الذى عبر تغريداته عن سقوط الهاشم :"شكرا للكويتيين على عدم اختياركم هذى العنصرية"، "شكرا لأهل الكويت على عدم التصويت للعنصرية والاستعلاء والغطرسة للنائبة صفاء
ماحدث لصفاء الهاشم يعكس الوعى السياسى والوطنى والعربى لدى الشعب الكويتى الداعم دائما لقضايا أمته العربية ولا يمكن لأمثال الهاشم أن يعبروا عن أصالة هذا الشعب وعروبته.
الهدف من مواقف وآراء واستفزاز وتحريض النائبة الكويتية السابقة ضد مصر والمصريين كان معروفا ومقصودا وقبضت ثمنه من جماعتها الإرهابية وممولها وداعمها فى محاولة بائسة لزرع الفتنة والشقاق بين الشعبين المصرى والكويتى. لكن جاء الرد عليها سريعا من الشرفاء فى الكويت قبل المصريين وانكشفت اللعبة مبكرا جدا وكانت هذه رسالة وعى مبكرة لصفاء الهاشم وأمثالها فى الكويت أو فى أى بلد عربى. ففى أحيانا كثيرة يأتى وعى الشعب سابقا على وعى الحكام وقراراتهم.
آراء صفاء الهاشم لم تغرِ أحدا من الشعب الكويتى سوى من كانت لهم ميول إخوانية، ومنذ برلمان 2016 وهبت نفسها بدافع معروف لإعلان الحرب ضد العمالة الوافدة، خصوصا المصرية. وبررت ذلك بأنها: «ما عندى عداوة مع أحد، عندى عداوة مع من يستغل وطنى، ويستهلك مواردي»، «عندى تهالك فى رمانة ميزانى، عندى 4 ملايين، 3 ملايين وافد، ومليون مواطن، الجالية المصرية الأكبر، ثم الهندية ثم الفلبينية. هؤلاء عمالات هامشية، وقضاة، شحوم زائدة تقعد على جسد الدولة الكويتية.» وطالبت بضرورة عودة الوافدين إلى بلادهم"
ووقفت فى مجلس الأمة الكويتى تزهو بعنصريتها:" «يقولون إننى عنصرية، إذا كان دفاعى عن حرية الشعب ومصالحُه وأمواله، عنصرية، أنا كُلى شرف أن أكون عنصرية"
ولا ينسى لها الشعب المصرى وأيضا الشعب الكويتى تصريحاتها الاستفزازية ضد السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الهجرة عقب مشاجرة وقعت بين سيدات كويتيات وسيدة مصرية العام قبل الماضى، وعلقت على ذلك وزيرة الهجرة بأن «كرامة المصرى وبالأحرى كرامة المرأة المصرية خط أحمر، لكننا نحترم السلطة الكويتية والقضاء الكويتي»، وردت الهاشم بصورة مقززة وغير دبلوماسية على الوزيرة نبيلة مكرم: «عزيزتى وزيرة الهجرة أو وزيرة الكرامة، طالما أن حضرتك تحترمين السلطة الكويتية والقضاء الكويتى، كان الأجدر بك عدم التطرق إلى مسألة الكرامة وأسلوب دغدغة المشاعر، كونك تعرفين حق المعرفة حرص السلطات الكويتية والقضاء الكويتى على كرامات الناس، وانتصارهم على مر التاريخ للضعيف قبل القوى ولا داعى للتكسب السياسى والإعلامى، من خلال الغمز واللمز على الخشية من العبث فى كرامات ناس أكرمناهم أكثر مما أكرمهم بلدهم، حتى بات البعض منهم يتعدى الخط الأحمر للمواطن الكويتى، ويعبث فى مصير حياته اليومية والوظيفية، وإن كنتم نسيتوا اللى جرى، هاتوا الدفاتر تنقرا"
وأثارت كلمات الهاشم موجة غضبو انتقادات واسعة من قبل إعلاميين وبرلمانيين وكتاب مصريين وكويتيين، وقدم محامون مصريون دعاوى قضائية ضدها.
عموما لم ينتظر الشعب الكويتى طويلا وجاء رده بشكل ديمقراطى متحضر عبر صناديق الانتخابات ليرفع لها الكارت الأحمر ويقول لها :" اطلعى برة" ويلفظها غير مأسوف عليها.
ومع ذلك لا ينسينا سقوط الهاشم التغيير المدوى فى تركيبة مجلس الامة الكويتى القادم والذى عكس رغبة الشعب الكويتى على تجديد الدماء فلم ينجح من المجلس القديم سوى 19 نائبا فقط من بين 50 نائبا هم عدد مقاعد المجلس. والأهم هو انحسار التيار الاسلامى فى الانتخابات الأخيرة، فقد فشل التجمع الاسلامى السلفى من الفوز بأى مقعد للمرة الثانية على التوالى وسبق فشله فى انتخابات 2016 وخسر مرشحيه فى الدائرة الثانية والثالثة بما فيه رموزه المعروفين مثل فهد المسعود وحمزة العبيد
ولم تحقق الحركة الدستورية الإسلامية الفوز سوى بثلاثة مقاعد فقط، وتراجع تمثيل التحالف الإسلامى الوطنى إلى نائب وحيد.
الظاهرة اللافتة والمحزنة هو غياب العنصر النسائى عن البرلمان الجديد فلم تنجح من بين 30 مرشحة تقريبا سيدة واحدة رغم أن عدد الأصوات النسائية التى يحق لها التصويت يتجاوز عدد الأصوات الذكورية.
فقد تنافس على مقاعد البرلمان 326 مرشحا، لاختيار 50 عضوا لتمثيلهم فى البرلمان، وفق نظام الصوت الواحد. وتنافس 326 مرشحا ومرشحة فى مختلف الدوائر، وبلغ إجمالى عدد الناخبين 567.694ألف ناخباً وناخبة، منهم 273.940 من الذكور، و293.754 من الإناث...!
هنيئا للشعب الكويتى تجربته الديمقراطية العريقة..فالكويت أول دولة خليجية عربية تتبنى نظاما برلمانيا منذ عام 1962.