- الطائرة واستقالة «لا سوار» وكشف التضليل
كثيرا ما ننتقد أنفسنا وندين خبراء التحليلات الفارغة ومروجى المؤامرات غير المنطقية، بينما نبالغ فى لوم بعض إعلامنا، نرى سلوكيات بعض مؤسسات الإعلام البريطانى والأمريكى تمارس الانحياز، وتفتقد أبسط قواعد المهنية، بشهادة مدمنى «الدونية» وعبيد مهنية الخواجات.
قدمت استقالة «فينيسيان جاكيت» مراسلة «لا سوار» الفرنسية مثالا للانحياز والتلفيق، كتبت فينيسيان على صفحتها بفيس بوك كيف طلبت منها إدارة الصحيفة أن تدين مصر للطيران فى حادث الطائرة قبل إتاحة أى نوع من المعلومات، وعندما رفضت، فصلوها، تقول: «بما إن سبب الحادث غير معروف (ليس لدينا حتى مؤشرات) لم أكن أستطيع توجيه الاتهام ولا حتى التلميح بمسؤولية مصر للطيران عن الحادث».. وتضيف: «قررت أن أقول (لا) وألا أستسلم لصحافة التلاعب بالمشاعر وتجاهل صحافة المعلومة وأخلاقياتها».
ما حدث مع فينيسيان هل يحدث مثل هذا مع آخرين؟ نعم، أن تحاول «سى إن إن» الإيحاء بأن قائد الطائرة المصرية انتحر، وتسعى «بى بى سى» لإدانة مصر للطيران، وبعض المراسلين يمارسون التزييف علنا، وهى سلوكيات تتم فى كل حادث وبشكل متربص ومترصد، يثير التساؤلات من دون مؤامرات.
وآخر مثال تقرير كتبه كيفين كونولى، مراسل «بى بى سى» بالقاهرة، يخلو من معلومة واحدة، لكنه يحمل أحكاما نهائية «مهنية جدا»، يفعل ما رفضت مراسلة لا سوار فعله، ومع علمه بصعوبة توفر معلومات فى حادث طائرة وقعت بالبحر دس آراء نهائية وكتب: «إذا ثبت أن الطائرة سقطت نتيجة هجوم إرهابى، كما يفترض الكثير من المصريين حاليا، فستطل المزيد من التساؤلات عن جودة التدابير الأمنية، فيما يخص عمليات مصر للطيران»، لم يشر كونولى من قريب أو بعيد إلى أن الطائرة انطلقت من مطار شارل ديجول الفرنسى، كونولى واصل مهنيته بالقول: «ثمة إحساس بأن مصر أصبحت مرة أخرى هدفا للنقد الدولى»، قرر إدانة مصر، ولم يكن مهتما بمعلومات ولا انتظر تحقيقات، وليغطى على تقريره المثقوب يوحى بأن نظرية المؤامرة تسيطر على الجميع فى مصر، بل ونحن نشير إلى الطرف الفرنسى، نعرف أن الإرهاب تهديد للجميع.
طبعا هناك من يغرق فى المؤامرة، لكن ما يكتبه كونولى يضاعف من شعور التربص، خاصة أنه لم يذكر اسم مصدر واحد، ولا حتى من بريطانيا، حيث مصانع الأدلة الجاهزة، وهو ما يذكرنا بفضيحة وكالة الأنباء الكبرى التى كتبت تقارير نقلا عن 6 مصادر أمنية واستخباراتية عن مقتل ريجينى اتضح أنها مصادر ملفقة.
لا نزعم أن الأمور لدينا مثالية، ونعانى من المنحازين والمبالغين وأصحاب التفسيرات الإشعاعية والمغناطيسية، لكن تكرار التلفيق والتزييف من دون محاسبة يعنى تعمد هذه المؤسسات ترويج الكذب، وممارسة التضليل بتعمد مدفوع الثمن.