فى الوقت الذى تتحدث فيه وسائل الإعلام الأوروبية عن سهولة اختراق مطار شارل ديجول بحقائب المتفجرات، كما حدث مع مطار بروكسيل، من خلال أحد العاملين به، تحاول السى إن إن استباق الأحداث، وفرض روايتها الكريهة على الطريقة الأمريكية فى لوم الضحية، عن طريق نشر وتضخيم شائعة انتحار كابتن طائرة مصر للطيران المنكوبة، وهى الطريقة الوحيدة التى تجيدها أجهزة الاستخبارات الأمريكية، وجربوها معنا سابقا، منذ أكثر من 17 عاما فى طائرة البطوطى، التى أسقطت عمدا بعد إقلاعها بالقرب من السواحل الأمريكية فى عملية مخابراتية واضحة.
بين طائرة البطوطى وطائرة مصر للطيران المنكوبة قواسم مشتركة كثيرة، أهمها السعى الخارجى، لمنع امتلاك مصر أسباب القوة، فإذا كانت الشخصيات العسكرية المهمة على طائرة البطوطى، هى المستهدفة منذ 17 عاما، فالإرادة المصرية ومشروعها الوطنى بكامله هو المستهدف حاليا، وهو ما يدفعنا إلى طرح السؤال مجددا: ماذا يريد أوباما وحلفاؤه من وراء الموجة العدوانية الجديدة ضد مصر؟ الواضح حتى الآن أن أوباما وتابعه كاميرون، وحلفاؤهما يضغطون اقتصاديا من خلال سلسلة من الضربات المتتابعة، حتى يمكن المضى فى مخطط حصار مصر وتركيعها للمرة الثانية بعد فشل الحصار فى المرة الأولى بفعل الدعم الخليجى قبل رحيل الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
المخطط الأمريكى البريطانى يستهدف حصار مصر اقتصاديًّا، من خلال ضرب صناعة السياحة واستغلال المتغيرات الإقليمية التى لا تسمح بوجود دعم خليجى بنفس الزخم السابق، حتى تلجأ القاهرة لخيار التفاوض السرى وتنفيذ المطلوب منها على المستوى الداخلى والإقليمى والدولى، فما هو المطلوب من القاهرة؟ المطلوب من القاهرة على المستوى الداخلى أن تعيد دمج جماعة الإخوان الإرهابية فى الحياة السياسية والإفراج عن القيادات المتورطة فى قتل المصريين وترويعهم وتدمير ممتلكاتهم وتهديد مصالحهم، حتى يقوم الطابور الخامس الذى يحافظ على المصالح الغربية بدور المعارضة السورية حاليا، وحتى يفقد المصريون إيمانهم بثورة 30 يونيو وتعود إليهم القناعة بأن %99 من أوراق اللعبة داخليا وخارجيا بيد العم سام الجالس فى مكتبه بالبيت الأبيض. والمطلوب من القاهرة إقليميًّا، أن تتوقف عن لعب دور عروبى قومى، فيما يخص الملفات السورية والليبية والعراقية، وأن تندرج بهدوء ضمن الجبهات التى يجرى تجهيزها لإشعال المنطقة بحروب دينية وإثنية ضيقة لا منتصر فيها ولا مهزوم، حتى لو كان ثمن ذلك غاليًا على الأمن المصرى فى المدى القريب والمتوسط، وهو ما بدأه المعزول مرسى بقطع العلاقات مع سوريا فى موقعة الاستاد الشهيرة. والمطلوب من القاهرة على المستوى الدولى أن تكف عن التنسيق مع الجانب الروسى فى مواجهة «داعش» وغيرها من التنظيمات المتطرفة، وأن تتوقف عن تنويع مصادر السلاح لتعود إلى الحظيرة الأمريكية، فضلا عن ذلك، وهو الأهم، وضع حقول الغاز المصرى المكتشفة، رهن المشروع الأمريكى المعروف بدبلوماسية الطاقة الذى يقضى بالربط بين إسرائيل والأردن ومصر فى مشاريع تسييل وتصدير الغاز الإسرائيلى لمصر والأردن وأوروبا، فهل تنصاع مصر للمخطط الأمريكى أم تواصل المواجهة الصعبة، رغم المتغيرات الإقليمية الجديدة؟. تحيا مصر.