كلما ألم بالناس أمر، ذهبوا إلى ما يقوله "نوستراداموس" يفتشون فى كلامه المنظوم والمنثور عن تفسير، هل قال ذلك، هل أشار إليه؟ ويدفعنا ذلك للتفكير كيف استطاع هذا الرجل الفرنسى الذى مات منذ أكثر من 450 عاما، أن يحكمنا حتى اليوم بـ كتابه "القرون" وبتنبؤاته المزعجة التى لا تحمل سوى الخراب عادة.
يعلمنا العراف الأشهر فى العالم "نوستراداموس" أن الكاريزما لها شروطها، منها أن تتحدث عما لا يعرفه الناس، عن الغيب، أن تشير إلى ما يخشونه وهو "المستقبل".
وأحب أن أتحدث معكم عن قصة هذا الرجل المولود فى 14 ديسمبر 1503 لقد كان طبيبًا ومثقفًا وعرف عنه استعماله وسائل علاجية طبية عربية مثل الحجامة وغيرها، وكثيرًا ما قال بنفسـه عن نبوءاته إنها جاءت مفاجئة له.
وكان نوستراداموس يستعمل الماء فى قراءة المستقبل، فينظر فى إناء مملوء بالماء الصافى ويتأمل ما سيحدث ليكتبه شعرًا موزونًا فيما بعد، وكانت نبوءاته قد انتشرت كثيرًا فى حياته، وفى كتابه "القرون" قال إن قائدًا عظيمًا سيهزم فى واترلو، فى الزمان المحدد، فكانت هزيمة نابليون بونابرت الشهيرة الذى تنبأ له نوستراداموس باحتراق أسطوله الفرنسى فى مياه الإسكندرية فى مصر، فقال: "يغرق الأسطول بالقرب من البحر الأدرياتيكى، ومصر تهتز كلها، والدخان يتصاعد ويحتشد المسلمون".
وظهر كتاب "القرون" أول مرة فى العام 1555، فصنع له شهرته الواسعة، وانتشر انتشارًا واسعًا فى العالم وتناقلته الأجيال، ولا تزال تطبع نسخه على مدار العام بلغات عدّة، مات نوستراداموس بعد 11 عامًا فى سنة 1566 وتم دفنه واقفًا فى حائط كنيسة سالون، ونبش قبره فى الثورة الفرنسية، ولكن أعيد دفنه من جديد فى كنيسة سانت لورن.
بعيدا عن تصديق نوستراداموس وما يقوله، يعجبنى أن ذلك الرجل استطاع أن يشغل الناس به طوال هذه القرون، ومستمر فى ذلك.