اكتمل تشكيل مجلس النواب، ويقترب من بدء دور الانعقاد، وخلال شهر يناير يبدأ برلمان جديد. بوجود مجلسى النواب والشيوخ. وهناك دلائل على أن المهام التى تنتظر البرلمان الجديد مختلفة عن الحالى، من حيث الشكل والمضمون. المجلس الحالى عليه مهام تتعلق بالتشريع، وأيضا بالأدوات البرلمانية فى الرقابة والتفاعل مع السياسات القائمة، والقدرة على تفهم مطالب الجمهور، خاصة فى الأقاليم، وخصوصا القرى، والمدن فى الوجهين البحرى والقبلى.
مع وجود مجلس الشيوخ هناك فرصة أكبر لمناقشة التشريعات ومراجعة ما يحتاج منها لتعديلات قد تتطلبها التطورات الاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن أهمية دور النواب بالمجلسين فى تقديم اقتراحات لمعالجة المشكلات والمستجدات، ويفترض أن يكون النائب قادرا على دراسة القضايا باستفاضة حتى يمكنه طرحها ومناقشتها، وعدم الاكتفاء بالكلام العام أو المواقف اللافتة للنظر من دون مضمون حقيقى.
الدولة حاضرة بمشروعات خدمية، لكن النواب لم يكونوا بنفس الحضور. وهناك مطالب لكل قرية أو مدينة تتعلق بالخدمات التعليمية والصحية والطرق والنقل وغيرها، تحتاج إلى نواب يتفهمونها، وفى نفس الوقت يكونون على دراية بخطط الدولة بما يمكنهم من إدراج دوائرهم فى الخطط القائمة حتى تتحقق عدالة توزيع الخدمات، ويشعر سكان المدن والقرى أنهم حاضرون بشكل واضح.
تجربة الانتخابات الأخيرة تشير إلى عدة عناصر مهمة، يفترض أن تدرسها الأحزاب القائمة بشكل مفصل حتى يمكنها أن تضع أجندة عملها فى المرحلة المقبلة، وبشكل يمثل إضافة إلى العمل السياسى. فقد كان نظام القائمة الانتخابية كاشفا عن غياب عدد كبير من الأحزاب عن الساحة، وعدم قدرة هذه الأحزاب على ممارسة دور واضح، أو طرح برنامج يمكن أن يكون مقنعا، فلم يصل للمجلس غير 12 حزبا فقط، من بين أكثر من 100 حزب.
وطالبت النخب والقوى السياسية بنظام القائمة على مدار عقود، باعتبارها أفضل لتقديم مرشحين مؤهلين قد يكونوا غير قادرين على المنافسة فى ظل النظام الفردى، لكن مع تغيير نظام الانتخابات إلى نظام خليط بين القائمة والفردى، بدأت انتقادات للقائمة، وما يزال النظام الفردى أكثر استقطابا للناخبين، رغم ما به من عيوب واضحة، أخطرها استخدام المال، وعجز بعض العناصر الجيدة عن المنافسة مع المال، ولهذا يظل نظام القائمة أفضل من هذه الناحية الشكلية لكنه يحتاج الى أحزاب قوية قادرة على التفاعل مع الجمهور، وهو أمر ما يزال غير متحقق.
وحتى النواب الذين خسروا وينتمى بعضهم لتيارات أو أحزاب، غالبا ما يختفون أو يتوقفون عن ممارسة أى دور بين الناخبين، وهو أمر يعكس نوعا من الانتهازية الظاهرة، المرشح يحتاج الناخب ويتودد إليه وقت الانتخابات، ثم يتجاهله بعد الحصول على صوته، وهى ظاهرة شائعة بشكل كبير ومثار تندر بين المصريين دائما.
وكثير من الأحزاب لا تقدم أنشطة سياسية أو مؤتمرات تتحدث فيها للجمهور وتتبادل معه الرأى، فضلا عن الأنشطة الاجتماعية والثقافية المهمة فى التفاعل، وتكتفى الأحزاب بالعاصمة فقط وأغلبها ليس لديه لجان قوية فى المحافظات والمدن والقرى، وبالتالى يظل الطلب على النائب فقط مما يضاعف من طلبات الخدمات الخاصة، وينتهى الأمر بفقدان المهمة البرلمانية.
ومن الصعب أيضا التمييز بين النواب طبقا لانتماءاتهم الحزبية، رغم ضرورة هذا التمييز.
وهناك أهمية لأن تكون هناك أحزاب قوية تعمل لتملأ الفراغ السياسى، وتكون جسرا بين الدولة والمواطنين، وأيضا تكون عنصر جذب ومنتديات سياسية لمناقشة القضايا المهمة فى السياسة الخارجية والداخلية.