3 زرافات جديدة وصلوا بالأمس من جنوب أفريقيا إلى حديقة الحيوان بالجيزة، استطاعوا اختطاف التريند بجدارة، وسرعان ما اختفت معهم المعركة التافهة بين حمو بيكا وعمر كمال، بتوع أغانى المهرجانات، أو انتخابات اتحاد الطلاب التي كنا نعتبرها فى مرحلة ما قضية كبيرة وتشغل اهتمام الشباب، ليكون التريند سيد الموقف هو "الزرافات وحديقة الحيوان"، كأحد أهم الوقائع التى انشغل بها الرأى العام بالأمس، بل وأخذوا يفكرون ويفكرون ما أسماؤهم؟ ومن المسئول عنها؟ وهل بالفعل الزرافة سونسن ستتزوج الذكر الجديد القادم من كيب تاون وكيف سيتم التعارف والتهيئة، ثم مراسم الزواج؟!
وصول الزرافات إلى حديقة الحيوان قصة صحفية مهمة من منظور الصحافة الجديدة والرواج الذى نعيشه مع السوشيال ميديا ومنصاتها المختلفة، التى فرضت جمهورا جديدا، ووضعت معايير وقواعد مختلفة للممارسة الإعلامية، تعتمد بصورة أساسية على الرؤية البصرية والمشاهدة والتواصل المباشر مع الجمهور، وهذا يضع على الصحفيين أنفسهم تحديات جديدة يجب الانتباه لها والتعامل معها، فالموضوع ليس مجرد تريند ننتصر عليه أو ينتصر علينا، لكنه صراع فى أن تكون المهنة أو لا تكون.
فكرة التريند تقودنا إلى ما هو أعمق، والحقيقة التى تغيب عن الكثير من العاملين فى مجال الإعلام والصحافة، فلم تعد القضية كيف ننتصر على السوشيال ميديا أو نشن حربا عليها، بل بات كيف نتعايش معها ونستفد منها، فمرحلة المواجهة فقدناها منذ سنوات طويلة، كونت خلالها السوشيال ميديا مليارات المتابعين حول العالم، جعلت منها عملاقاً لا يمكننا إلا أن نعمل معه وننفذ تعليماته ونحاول الاستفادة من تجربته وتحقيق الانتشار من خلاله، ومن يدرك غير ذلك كمن علقوا آمالهم وأحلامهم على تجارة "الكاسيت" أو أشرطة الفيديو أو الـ "سى دى" لاحقا، فتطورات العصر فرضت علينا التفاوض طوعا أو كرها دون خيارات أخرى.
القضية الآن لم تعد كيف ندعم بقاء الصحافة المطبوعة أو نزيد من معدلات التوزيع ، فالبقاء فقط لم يعد شرطا للنجاح، ولا أتصور من وجهة نظرى أن الصحف الورقية ستتوقف بالكامل، لكنها ستفقد جمهورها وتجنى خسائر فادحة، ما يجعلها تطبع نسخا محدودة لعدم جدواها الاقتصادية، وتعيش فى كنف النسخ الإلكترونية وصحافة الديجيتال، التى باتت المصدر الوحيد لبقاء المهنة "الصحافة".
لكل معشر الصحفيين والإعلاميين في مصر، لا تصنفوا السوشيال ميديا والمنصات الجديدة باعتبارهم أعداءً أو دخلاء ولا تناصبوهم العداء فهذه مرحلة تجاوزها الزمن، بعدما بات لكل مواطن منصته الخاصة وقناته التي تجمع مئات وآلاف المتابعين، بل اجعلوا رهانكم على التعايش والاستفادة منها.