فى الوقت الذى بدأت فى الأفق مؤشرات زوال الكابوس اللعين، "كوفيد 19" الذى أصاب العالم أجمع بالهلع والفزع، وبلغت ضحاياه ملايين من البشر ما بين وفاة أو إصابة، مع بدء الإعلان عن توفير اللقاحات وتوزيعها، لتفرح الخليقة ويستعد الجميع للاحتفاء، جاء إعلان بريطانيا عن وجود سلالة جديدة من كورونا، ليتحول الفرح إلى مأتم، وخاصة مع تزايد أعداد الإصابات، وعودة بعض الدول للغلق أو تعليق رحلات الطيران من جديد.
ليأتى السؤال الأهم والصعب، هل بعد ظهور هذه السلالة الجديدة، سيعود العالم إلى مربع الصفر في مواجهة كورونا بعدما لحقت ببريطانيا عدة دول مثل، بلجيكا وهولندا وإيطاليا وألمانيا وأيرلندا، وفرنسا، بالعودة لفرض القيود من جديد.
وهنا يزداد القلق والخوف وخاصة بعد تأكيدات خبراء بعلم الفيروسات، أن السلالة الجديدة أكثر قابلية للتفشى من السلالة القديمة بنسبة تصل إلى 70 بالمائة، إضافة إلى أن الأطفال الذين كانوا فى منأى عن الوباء، أصبحوا الآن أكثر عرضة للإصابة بالسلالة الجديدة، وكذلك خروج عدة دوريات علمية تؤكد أن اللقاحات المتوفرة الآن قد لا تحقق نتائج مع السلالة الجديدة.
إضافة إلى حدوث حالة من التراخى في تطبيق الإجراءات الاحترازية بعد بشائر أمل اللقاحات، وهذه كارثة أخرى من الممكن الرجوع بسببها للمربع صفر، لأنه وفقا لخبراء في هذا المجال، فإنه ليس هناك سوى 3 مبررات لهذا التراخى، المبرر الأول هو التوصل لعلاج للمرض، وليس مجرد تخفيف الأعراض، وهي الأدوية التي تُستخدم الآن؛ والمبرر الثانى، أن تكون هناك مناعة مجتمعية تشكلت بعد إصابة أعداد كبيرة بالفيروس وشفائها منه؛ والمبرر الثالث، أن يكون هناك لقاح يسبب تلك المناعة المجتمعية دون الإصابة بالفيروس ويتم تحصين المجتمع، ومازلنا حتى الآن لا يوجد أى مبرر، فلا علاج تم التوصل إليه بشكل نهائي، ولا توجد مناعة مجتمعية، ولم يتم تحصين الشعوب باللقاحات، فالتراخى الآن هو ناقوس خطر يهدد بالعودة فعلا للمربع صفر.
وأخيرا .. علينا أن نعى أن السلالة الجديدة لفيروس "كوفيد 19" تضع العالم الآن أمام تحدٍّ جديد، بالتوجه نحو الرجوع للمعامل بإجراء البحوث العلمية والتجارب المعملية والسريرية لإنتاج لقاح لهذه السلالة الوضع الذي سيحتاج إلى وقت قد يطول، والخشية الآن اتساع دوائر الانتشار، وهنا يأتي دور الوعى المجتمعى لدى الأفراد والحكومات، لأنه ببساطة لم ولن يتم القضاء على الوباء باللقاح وحده، بل يجب أن يكون الوعي حليف وشريك رئيسى، وخاصة أن الحقيقة المؤكدة في هذه الحرب الشرسة، ولهذا نطالب الحكومة بمزيد من اليقظة والشدة في تطبيق الإجراءات الاحترازية، بالشوارع والميادين وبجهات العمل والتجمعات، ونطلب من المواطن، أن يكون على قدر من المسئولية تجاه نفسه أولا ومجتمعه ثانيا لأن حمايته لنفسه فهو حماية للمجتمع كله، فنعم للتباعد الاجتماعى ونعم للارتداء الكمامة ونعم لتطبيق كافة الإجراءات الاحترازية..