هل تتخيل أن يصل "العته" بجماعة سياسية أن تقتل الذين يرتدون النظارات، أن تعذب الموظفين، لقد حدث ذلك في كمبوديا في آسيا عندما تولت جماعة الخمير الحمر شئون البلاد، ارتكبت جرائم غريبة، تدل على أن الإنسان في داخله "وحش".
حدث ذلك بعد أن قام مسلحو جماعة "الخمير الحمر" باقتحام العاصمة الكمبودية بنوم بنه، فى أبريل 1975، وأعلنت تلك الجماعة انتصارها على معارضيها، لتبدأ فترة "عهد الطغيان"، والتى يصفها كثير من المؤرخين بأنها "الشيوعية الأكثر راديكالية على الإطلاق."
وتضمنت برامج عمل تلك الجماعة سياسات قامت على إشعال حرب طبقية، سعت إلى تفريغ المدن، ومنع الأموال، وإعدام المثقفين، بل وإعدام أى شخص يرتدى النظارات، فى محاولة من أجل تأسيس "المدينة الزراعية الفاضلة."
ولكن بدلاً من تأسيس تلك المدينة المنشودة، انتهى الأمر بتلك الجماعة إلى ارتكاب جرائم إبادة جماعية، أودت بحياة ما يقرب من مليونى شخص.
فقد قام مسلحو الخمير الحمر بتحويل مبنى المدرسة الثانوية فى تول سلينج، إلى مركز للاستجواب، وسجن سرى يعرف بالرمز "إس-21"، فضلاً عن أنه رمز للوحشية، وبلغ عدد المعتقلين 20 ألف معتقل خلال مدة أربع سنوات، نجا منهم سبعة فقط.
ارتكبت الجماعة الشيوعية المتشددة جرائم كبرى خلال سنوات حكمها الأربعة، فمع اكتساحها العاصمة الكمبودية أجبرت 2 مليون شخص على العمل فى الزراعة، ومات جزء كبير منهم تحت ظروف عمل قاسية.
وألغى "الخمير" التعامل بالنقود وبدأوا إغلاق المعابد البوذية، والمساجد، والكنائس، والمحال التجارية الخاصة، وتحويلها إلى صوامع للحبوب، وسجون أو معسكرات لإعادة تعليم الشعب الكمبودى، وكان على الشعب الكمبودى ارتداء الملابس السوداء فقط، حيث كانت تعد الملابس الثورية من وجهة نظر الجماعة.
وفور صعودهم للسلطة، قتل "الخمير" آلاف الجنود والعاملين فى الجيش الكمبودي، فى عملية قالوا عنها إنها " تصفية من أجل بناء الثورة"، كما احتجزوا الأقليات الصينية والفيتنامية بدعوى اتهامها بالخيانة، بعدها تم تعذب هذه الأقليات وقتلها.
ونظل مثل هذه الجماعات الرهيبة في الحياة تدل على أن العالم عاش أياما كارثية بالمعنى الحقيقى للكلمة.