فرضت الكمامات نفسها على البشر لتكون جزءا لا يتجزأ من تفاصيل حياتهم اليومية فى ظل تزايد أعداد الإصابات، وظهور سلالات جديدة لفيروس كورونا، الأمر الذى جعل الكمامة بمثابة سلاح للخلاص من هذا الوباء، وأن التعايش معها ضرورة حتمية، لكل مواطن يرغب فى مغادرة منزله، لكن ما يهون من قسوة الأمر أنه قد تطور استخدام الكمامات حتي أصبح لها علامات تجارية، وتصميمات فريدة يختار من بينها الأفراد ما يتناسب مع شخصياتهم ويتماشى مع مظهرهم الخارجى.
وبعد أن أصبحت الكمامة المخلص، قررت الدولة المصرية، العودة إلى تطبيق الغرامة الفورية على المواطنين حال عدم ارتدائها، ولكن هذه المرة ستكون الغرامة 50 جنيها أو 100 جنيه حال التصالح في النيابة أو 150 جنيها حال التصالح فى المحكمة، وبهذا ستتدرج قيمة الغرامة بحسب مكان التصالح بداية من دفعها فى المكان الذي ضبط فيه المخالف ومروراً بمرحلة النيابة ثم المحكمة، إضافة إلى إعطاء سلطة ضبط جريمة عدم ارتداء الكمامة، إلى كل من مأمورى الضبط القضائي المختصين قانونًا، وكل من سبق منحه صفة الضبطية القضائية في نطاق اختصاصه الوظيفي من بعض العاملين بالوزارات والجهات والهيئات والمحافظات، ليرى كثير من الخبراء أن هذا التخفيض والإجراء الحكومى، سيحقق نتائج ملموسة وفعالية أكثر عن ما سبق عندما كانت الغرامة 4 آلاف جنيه، لأنه ببساطة شديدة الـ50 جنيها هتكون في مقدرة المواطن دفعها، وهتقلل من الذهاب الى النيابة وعمل المحاضر، الأمر الذى يؤدى إلى زيادة التزام المواطنين وحرصهم على الارتداء، وعودة الكمامة من جديدة لتغطية وجه المصريين بعد أن التهاون والتراخى في ارتدائها..
لكن ما يجب أن نلفت النظر إليه هنا، أن تضع الحكومة فى الاعتبار أن هناك من يستغل الأزمات فى جميع القطاعات، ويستثمر الفرص للاستفادة المادية وتحقيق أرباح طائلة من خلال عمل بيزنس غير مشروع من تصنيع الكمامات، أو خلق سوق سوداء لتجارة الكمامات تكون بعيدة عن الرقابة الطبية، الأمر الذى يؤدى إلى دخولنا في كارثة طبية أخرى، تزيد من تفاقم الأزمة الذى يتجرع العالم الآن ويلاتها.
وطالما فرضت الكمامة وأصبحت بمثابة أسلوب حياة، يجب تذكر الممارسات الخاطئة عند استخدامها، حتى لا تحقق الغرض المنشود، وهذه الممارسات وفقا للأطباء، تأتى أبرزها، اللمس المتكرر بغرض تعديلها، أو قيام الأشخاص بإعادة استخدامها لأكثر من مرة، أو تخزينها بشكل يعرضها للتلوث، أما الأسلوب للأسف الذى نراه كثيرا، هو وضع الكمامة تحت الذقن وخاصة أثناء الحديث، وفور انتهاء الحديث يتم إعادة تثبيتها على الوجه مرة أخرى لأن هؤلاء ببساطة يتأثرون بالفيروس كأنهم لم يرتدوها أصلاً، وهنا أكد الكثير من الأطباء أن وضع الكمامة تحت الذقن أو لمسها وإزاحتها يضاعف احتمالية التقاط العدوى، إذ تعتبر اليد ملوثة ولا يمكن الحفاظ عليها معقمة 100%، إضافة إلى تحريكها يجعل الفيروسات أقرب إلى الجهاز التنفسى وهنا مكمن الخطورة.
وأخيرا.. نقول إن قوتنا الآن تُقاس بمدى التزامنا بالتباعد الاجتماعى، وتطبيق الإجراءات الاحترازية، وإن لم نفعل ذلك فنخشى أن يصبح للفيروس موطئ قدم راسخ في بلدنا، بعد الحديث عن سلالات جديدة لهذا الفيروس اللعين، وأن ذروة الموجة ثانية لم نصل إليها حتى الآن، وهنا لا يوجد حلٌ أفضل من اتخاذ الحيطة والحذر، فالالتزام بتلك الإجراءات هي الفارق بين الحياة والموت لا للفرد فحسب، بل للمجتمع بأسره، فلا تستطيع الدول، مهما كانت قويةً وغنيةً، متقدمة أو نامية، القضاء على فيروس "كورونا" دون تعاون الأفراد الكامل، فالمسؤولية هنا على الجميع، وليست على الحكومات فقط، مهما كانت الغرامات.. فنعم الكمامة قد تكون غير مريحة ولا يستمتع أحد بارتدائها، لكن إذا كانت هى المخلص في إنقاذ الأرواح فلابد منها..