أنعم الله سبحانه وتعالي علينا بالعديد من النعم ، والتنفس بالشكل الطبيعي هو أحد وأهم هذه النعم ، التي تستوجب علينا حمد الله وشكره ، فقد أظهرت جائحة كورونا قيمة هذه النعمة ، وأصبحت أجهزة التنفس الصناعي هي الشغل الشاغل على مستوى العالم لاحتياج المرضى إليها وبالأخص الحالات المتدهورة ... فهذا رجل إيطالي يبلغ من العمر 93 عاماً وكان مصابا بفيروس كورونا، طلبت منه المستشفى دفع ثمن التنفس الصناعي ليوم واحد.. فبكى الرجل العجوز، مما جعل كل الأطباء يبكون، قال الرجل: أنا لا أبكي بسبب المال الذي يجب أن ادفعه، يمكنني دفع كل هذا، وإنما أبكي لانني كنت أتنفس هواء الله منذ 93 سنة لكني لم أدفع ثمنه ابداً، تكلفة جهاز التنفس 500 يورو لمدة يوم واحد .. إن كلمات هذا الرجل تستحق التأمل والتفكير عندما نتنفس الهواء بحرية دون ألم أو مرض أو دفع المال .
وفي ظل جائحة كورونا ، تزايد الطلب بشكل كبير على أجهزة التنفس الصناعي التي تستخدم لدعم المرضى الذين يعانون من أمراض تنفسية شديدة تؤثر على الرئتين ، ويتولى الجهاز التحكم في عملية التنفس بالجسم مما يمنح المريض وقتًا لمحاربة العدوى والتعافي ... ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية أن مريضًا من كل 6 مصابين بالفيروس تسوء حالتهم ويجدون صعوبة شديدة في التنفس ، وهنا يأتي دور التنفس الصناعي والذي يستخدم لدفع الهواء في الرئتين وزيادة الأكسجين .
إن جائحة كورونا قد كشفت عن التجسيد الحقيقي لمعنى الإنسانية ، واللانسانية في نفس الوقت ، فالإنسانية تحققت من خلال التكاتف لمواجهة هذا الوباء القاتل وإعلاء مصلحة المجتمع على مصلحة الفرد ، وخير مثال على ذلك عندما أعلنت احدى كبرى شركات أجهزة التنفس الصناعي (ميدترونك) عن اسقاط حقوق الملكية الفكرية لتصنيع هذه الأجهزة، ، هذا بجانب قيام العديد من الجمعيات الخيرية والمواطنين بالتبرع بثمن هذه الأجهزة ، وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية ، والتكفل بإقامة وعلاج المرضى .... وعلى النقيض من ذلك ، هناك من خلى قلبه من أي معنى للإنسانية أو الرحمة ، وسعى إلى استغلال الأزمة بكل شكل ممكن ، للتربح منها ، حتى لو كان ذلك على حساب أرواح تصارع من أجل الحياة والبقاء .. وتجسد ذلك في أمرين :
الأمر الأول : الارتفاع الرهيب والمبالغ فيه لأسعار أسطوانات الأكسجين ، والتي ارتفع سعرها من 2000 جنيها إلى 4000 أو أكثر .
الأمر الثاني : قيام بعض المستشفيات الخاصة والمعامل والصيدليات باستغلال مرضى الفيروس اللعين .. فهناك أمثلة وقصصًا لمستشفيات تشترط لاستقبال المرضى سدادهم لعشرات الآلاف مقدمًا ، ومستشفيات أخري تعلن عدم وجود غرف للعزل ، وتفتح أبوابًا خلفية للتفاوض والاتجار ، هذا بجانب قيام بعض المعامل برفع أسعار التحاليل والأشعات ، وبعض الصيدليات ببيع بروتوكولات العلاج بأسعار خيالية .
ولذلك ، أناشد الجهات المعنية بإتخاذ إجراءات رادعة وصارمة تجاه هؤلاء التجار ، والرقابة على أنشطتهم ، مع العمل على مضاعفة إمكانات مستشفيات العزل الحكومية والحميات ودعم أطقهما الطبية ، وتوفير اسطوانات الأكسجين اللازمة .