تحتفل الطوائف المسيحية الشرقية بـ"عيد الميلاد المجيد"، ثاني أهم الأعياد المسيحية على الإطلاق بعد عيد القيامة، عشية 6 يناير ونهار 7 يناير بعد أقل من أسبوعين من احتفال الطوائف الغربية بعيد ميلاد السيد المسيح عشية 24 ديسمبر ونهار 25 ديسمبر من كل عام.
ولعل الاحتفالات تكون فرصة للعمل على تقريب المسافات بين الطوائف الدينية في العالم، وضرورة العمل على تشجيع المشتركات بين الأديان وبناء التعايش السلمي، لتحقيق المصالح المشتركة لخدمة الإنسانية جمعاء.
حظي السيد المسيح عليه السلام، "كلمة الله"، بمكانة سامية في الأديان "في الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ… كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ…. وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ (إنجيل يوحنا الإصحاح الأول / الآيات 1 و3 و14).
وورد فى القرآن الكريم قوله تعالى: " إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ " (آل عمران:45).
لذلك يجب أن تكون ذكرى ميلاد السيد المسيح، مناسبة للحوار الداخلي أولا بين الطوائف وبعضها، وحوار خارجي بين الديانات التوحيدية الثلاثة (اليهودية، والمسيحية والإسلام" وحوار بين الديانات التوحيدية وغير التوحيدية في العالم، حوار يستند إلى أن الدين-أي دين دعوة للمحبة والسلام ولا علاقة للدين بالصراع والنزاع والحروب والاقتتال بين بنى البشر.
حوار للقضاء على ظاهرتي التشدد الديني وممارسة العنف باسم الدين، والبحث عن حلول لسلبيات العولمة من صراعات وحروب غير بريئة من قبل القوى العظمى المهيمنة على العالم.
حوار يقوم على تثقيف الناس بأهمية القضاء على الجهل والتمييز والتعصب الطائفي للحد من الصراعات في المجتمعات الإنسانية، والعمل على التعاون من أجل إقرار الأخلاق المشتركة بين الأديان، ومنها القضاء على الفقر، والالتزام بكل ما يحقق كرامة الإنسان وحقوقه، ومواجهة الانحلال الأخلاقي أينما وجد.
حوار الحياة، وحوار التعاون والتفاعل الاجتماعي غير الرسمي على مستوى القاعدة الشعبية بين الأفراد في المجتمع، كما في المعاملات التجارية، والاحتفالات والنظام التعليمي الذي يشجع على التعددية، بين المختلفين فى الثقافات والديانات.
حوار يقوم على أن الدين علاقة شخصية بين الإنسان والإله، الرحيم بعباده الذى أرسل الأنبياء جميعا رحمة بالبشر يقول النص القرآني عن المسيح عليه السلام “وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا ۚ وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا ( مريم:21)..رحمة بوالدته السيدة مريم البتول، ورحمة لكل من آمن به وصدقه..(الطبري/ 306).
بعث عيسى المسيح عليه السلام بالرحمة وكذلك جاء بعده نبي الإسلام محمد بالرحمة "
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ" (الأنبياء:107).