الإقليم العربى يواجه مخاطر التدخل الخارجى كما هو الحال فى العراق وسوريا واليمن وليبيا
لا يبدو فى الأفق حل للمشكلة الفلسطينية التى تعد مصدر كل الأزمات التى يعيشها الشرق الأوسط، فاليمين الصهيونى يتجه أكثر نحو اليمين، وهو ما جعل وزير دفاعها «موشيه يعلون» يستقيل، ويقول: «إن البلاد تفقد بوصلتها الأخلاقية»، ويتحالف «نتنياهو» اليمينى مع حزب أكثر يمينية وهو «إسرائيل بيتنا»، وهو ما يعنى أن هذا الائتلاف سيكون الأكثر يمينية فى تاريخ الكيان الصهيونى. سيتولى حقيبة الدفاع خلفا لموشيه يعلون السياسى المتطرف «أفيجدور ليبرمان»، وهو معروف بمواقفه المتشددة تجاه الفلسطينيين، ويرى استخدام الجيش فى قمع احتجاجهم على الممارسات الصهيونية التى تعود بالذاكرة إلى الأجواء النازية قبل الحرب العالمية الثانية التى كان اليهود فيها ضحايا للقمع الهتلرى. إذن الشرق الأوسط يتجه أكثر نحو تعقيد المسألة الفلسطينية وليس حلها، وكانت المحاولة الفرنسية لطرح حل الدولتين عبر الأمم المتحدة بدلا من المفاوضات المباشرة الميتة بين الإسرائيليين والفلسطينين قد تمت مواجهتها برفض صهيونى من جانب «نتنياهو» الذى يصر على مفاوضات مباشرة بدون تدخل الأمم المتحدة، وتلك المفاوضات توقفت وماتت عام 2014 بعد تسعة أشهر، بسبب التعنت الصهيونى الذى يرفض حل الدولتين.
نتنياهو وبّخ وزير الخارجية الفرنسى «جان مارك أورليت»، بسبب قرار فى اليونسكو دعمته فرنسا بأنه لا علاقة لليهود بجبل الهيكل المزعوم، ورغم أن ذلك لم يذكر فى نص القرار، وإنما نص على إدانة إسرائيل منع المسلمين من الوصول إلى باحة المسجد الأقصى للصلاة، وهو أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى النبى الأكرم، صلى الله عليه وسلم.
كانت الرؤية الفرنسية تقول للقضاء على داعش يجب أن نحل القضية الفلسطينية، لأن العلو الصهيونى والاتجاهات المتشددة ذات الطابع اليمينى النازى المستولية على الدولة الصهيونية بمفهوم وزير دفاعها «يعلون» ونائب رئيس الأركان «يائيرجولان»، سوف تنتج نسخا أكثر تشدداً على الجانب الإسلامى، ومن ثم فلا يمكن مقاومة الاتجاهات الإسلامية المتشددة إلا بحل عادل للقضية الفلسطينية، وبكبح جماح التشدد الصهيونى فى مواجهة الفلسطينين.
وبينما تصعد موجات التشدد وتستولى على مقاليد الدولة العبرية، فإن دولة أخرى تسعى لأن تكون على حدود تلك الدولة هى دولة الخلافة الإسلامية التى يتزعمها «أبوبكر البغدادى»، والمتحدث الإعلامى للدولة فى آخر إصدار لها يتوعد اليهود، ويتوعد الأمريكان، ويدعو من يطلق عليهم جنود الخلافة فى أوروبا الذين حيل بينهم وبين القدوم إلى دولة الخلافة فى سوريا والعراق أن يبقوا حيث هم، وأن يستهدفوا البلدان التى يعيشون فيها بما يستطيعون، وليس شرطا استهدافهم لأهداف عسكرية، بل المدنيين واستهدافهم هو المطلوب، لأنهم أنكى فيهم، أى أن ما يجرى فى الشرق الأوسط لن يظل داخل نطاقه، وإنما سيتسع ليصل إلى أوروبا وأمريكا وبقية العالم.
وبينما نجد إيران يتم تعميدها كقوة إقليمية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية بعد توقيع الاتفاق النووى بين الدولتين، نلاحظ تهاوى الدول العربية فى المشرق، فالعراق تتعرض للتقسيم والتفكيك، وسوريا تتعرض للتقسيم والتفكيك، وتعانى اليمن من نفس المشكلة، كما أن الدولة المستقرة تواجه مخططات فى ذات السياق وهو التقسيم والتفكيك كحالة السعودية، وفى ليبيا نجد الدولة تتعرض لنفس المخططات التقسيمية، والمعروف أن الجماعات الأرهابية كداعش تعمل فى ظل سياقات غياب الدول وعدم قدرتها على فرض السيطرة على أقاليمها، ويواجه الإقليم العربى مخاطر التدخل الخارجى كما هو الحال فى العراق وسوريا وفى اليمن وفى ليبيا، حيث توجد قوات أجنبية غربية أو روسية لمواجهة الجماعات الإرهابية وجمع المعلومات عنها ومواجهتها عبر عمليات نوعية محددة على الأرض، بينما تظل الطائرات بدون طيار تعمل بدون توقف.
لا يواجه الشرق الأوسط فوضى غياب الدولة، وإنما يواجه ثورة ديموجرافية لشباب يطالب بحياة أفضل ونظم أكثر ديمقراطية واحتراما لكرامة الإنسان، بينما لا تبدو الدول المستقرة قادرة على إحداث تحول سلمى نحو مطالب هؤلاء الشباب والشابات، وهو ما يمثل تهديدا خطيرا لمصير ومستقبل هؤلاء الشباب ودولهم.
مع هذه الفوضى يواجه الشرق الأوسط تغيرات مناخية خطيرة تتحدث بعض التقارير عن أن الصيف الطويل سيكون المناخ الأكثر تهديداً للحياة، إذ قد تصل درجة الحرارة لمستويات قاتلة للحياة تصل لخمسين درجة مئوية.