نعيش زمن الفقد، نخسر كل يوم روحا، والروح تعنى الحضور، تعنى الألق، وخسرانها لا يعوض، وها هو الفنان الكبير هادى الجيار، يرحل تاركا لنا معانى نحتاج فعلا أن نتأملها فى حياتنا.
يمكن القول إن هادى الجيار فى حد ذاته قيمة، ونحن نحتاج قيمة هادى الجيار، لأن مجتمعاتنا – للأسف - لا تمنح الإنسان دائما ما يستحقه، ولكن هذا الإنسان عادة لا يكون أمامه سوى طريقين، الأول أن يتوقف ويظل يلعن كل شيء، والثانى أن يقاوم ويكمل معترفا بقيمة نفسه، ومصرا على استكمال مسيرته، وإلى هذا النوع ينتمى هادى الجيار.
يعلمنا الفنان هادى الجيار، رحمه الله، أن الأثر لا يشترط أن تكون رقم واحد فى عملك، ولكن يكفى أن يكون عملك مميزا، وليس شرطا أن يتصدر اسمك القائمة، ولكن ليكن عطرك فى الهواء وسحرك محسوسا بين الناس.
يعلمنا هادى الجيار، أن تواصل العمل ولا تيأس، لا تقول لنفسك، ها هم أقرانى قد فعلوا وفعلوا، ولكن لتثق فى نفسك وفى حياتك، ولتعلم أن جهدك لن يضيع.
كان هادى الجيار فنانا حقيقيا، قادرا على إثبات نفسه، وعلى تنوع التيمات الفنية التى قدمها، من خفيف الروح إلى الأخلاقى إلى الشرير والانتهازى، من القوى إلى الضعيف، كل النماذج الإنسانية استطاع "الجيار" أن يقدمها باقتدار، واكتسب دائما احترام المشاهد واعترافه بقيمته التمثيلية.
جانب آخر من حياة هادى الجيار تكمن فى قدرته على مقاومة المرض، ورغبته العارمة فى الحياة فعلا، وعودته دائما للعمل، لأنه يعرف قيمته، ويدرك أن العمل حياة.
رحم الله الفنان الكبير هادى الجيار، بكل قيمه الإنسانية.