كان 2020 عاما استثنائيا، بكل المقاييس، حيث عاشت قرية طناش لحظات مليئة بالجراح التي لم تندمل بعد وداع عدد كبير من شبابها وأطفالها فى مسلسل طويل من حوادث الطرق اللعينة، لم تمر الأيام بسهولة ولم تكد القرية تجف دموعها، حتى أبى العام الجديد أيضا إلا أن يذيق بأسه إلى أهالى القرية، فشهدت حادثا مأساويا بكل ما تحمل الكلمة من معنى، فقد تفحمت أسرة كاملة مكونة من 5 أفراد معظمهم أطفال نتيجة انفجار أسطوانة بوتاجاز صغيرة.
سمع شاب فى العقد الثالث يدعى "أسامة بخاطره" صرخات وصيحات 3 أطفال، والأم تنادى بصوت مفزع "الحقونا يا ناس"، وسط هذا المشهد الحزين، كان هناك صوت "خافت" لجدة تخطت السبعين عاما، صوتها "تحشرج" من هول الصدمة، فزع وخوف لو وزع على العالم لكفاهم، في تلك اللحظة هز صوت انفجار رهيب وكأنه قذيفة "هاون" سقطت من السماء لتستقر فوق منزل صغير، أركان المنطقة، وسمعه الأهالى كافة.
يقول أحدهم، إن صاعقة من السماء نزلت لتستقر فوق أحد المنازل، من هول وقوة الانفجار الذى ضرب منزلا صغيرا ما زال سكانه ضيوفا جددا عليه بعدد أيام لم تتخط أصابع اليد، وسط هذا المشهد الهوليودي المرعب، هرول "أسامة" مسرعا تجاه منزل "الرعب" متحسسًا صوت بكاء الأطفال الصغار،.. لم يلتف "أسامة" لهذا المشهد الذى كان كفيلا بأن ينتظر قليلا ليري بأم عينيه ماذا يحدث، وماذا حل بهذا المنزل؟.
واصل "أسامة" مسرعا نحو المنزل، والصوت لم يهدأ بعد، الصرخات تتعالى وتتوالى، وقف الشاب أمام المنزل الذى تخرج منه الاستغاثات، "بٌرهة" ليتحسس كيف يدخل المنزل،.. الباب مغلق، والمشهد يزداد رعبا، بدأت الناس تتجمع حول المنزل، لكن لا أحد يستطيع الدخول، هنا قرر "أسامة" خوض مغامرة قد تكلفه حياته، حيث قرر كسر باب المنزل، ليحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
دفع أسامة الباب بكل قوته ونجح بالفعل في كسره، لكن ألسنة اللهب استقبلته شر استقبال، وكانت له بالمرصاد، وكأن القدر كان يحاول منع الجميع من إنقاذ الأسرة المكلومة، كانت أصوات الأطفال بدأت في الخفوت، بعد أن تفحمت أجسادهم النحيفة جراء انفجار "الأنبوبة"، صعدت الأرواح البريئة إلى بارئها، أصيب أسامة وسقط شهيدا على الفور، بعد أن حاول إنقاذ أسرة من الموت، لكن القدر كان لهم جميعا بالمرصاد وفشلت محاولاته الحثيثة في إنقاذهم.
وسط هذا المشهد المأساوي، شيع المئات من سكان قرية "طناش" الواقعة نطاق حي الوراق في محافظة الجيزة، جثمان شهيد الرجولة بإذن الله، لكن ليزداد المشهد كآبة ترك "أسامة" خلفه أسرة مكلومة من 5 أطفال ووالدتهم، التي ترملت مبكرا، لم يترك خلفه دخلا أو معاشا يضمن لهم حياة مستقرة.
فهل نرى وسط كل هذا الألم، "أمل" يشد على يد أسرته ويكفيهم شر السؤال، وكلنا أمل في وزارة التضامن الاجتماعي والمسئولين في النظر إلى حالة أسرة الفقيد لحصول أسرته على معاش استثنائى، ليسد رمق الأطفال الصغار، ويأخذون "بخاطر" أسامة في قبره.